
الدكتور ربيع الأعور الأستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية وأحد الدعاة النشطين، صاحب إسهامات طيبة، وعمل علمي دائب متصل …نحسبه ونأمل أن يكون منه ومن أمثاله من شباب الدعاة الكثير في خدمة الدين والوطن، والرقيّ بالجمعية إلى آفاق رحيبة مثمرة بنّاءة… أجرينا معه هذا الحوار تأكيدا على التعريف بأعضاء الجمعية من الأساتذة والدعاة والمشايخ، كما كان دأبنا في الحوارات العديدة السابقة، وسنبقى أوفياء لهذا النهج ..بعون الله، نرجو فقط التجاوب معنا عند طلب محارتهم والتعرّف على جهودهم وأفكارهم ورؤاهم في مجال الدعوة التربية والإصلاح…وإلى الحوار.
- نبذة غير وجيزة عن مسارك العلمي والمهني حتى الآن ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله… وبعد، أشكر لكم ولجريدة البصائر هذه الاستضافة، بخصوص مساري العلمي؛ فأنا ابن المدرسة الجزائرية، دراستي كانت في سائر أطوارها في مدينة قسنطينة إلى أن تحصلت على شهادة البكالوريا فاخترت جامعة الأمير عبد القادر في تخصص الفقه والأصول، ثم يسر الله تعالى إتمام الدراسات العليا في الماجستر والدكتوراه في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الحاج لخضر ولاية باتنة، أما بخصوص المسار المهني فقد شغلت منصب الإمامة منذ 2002 ثم انتسبت رسميا إلى جامعة الأمير سنة 2015 م، مع الالتحاق في شكل أستاذ متعاقد ابتداء من سنة 2010 م، وأنا الآن أستاذ محاضر – أ -، كما توليت التدريس بمعهد البيضاوي منذ حوالي سنة 2003 أو 2004م وإلى يومنا هذا.
- كأستاذ في جامعة مميزة جامعة الأمير للعلوم الإسلامية.. هل يمكن أن يعرف القارئ فكرة عن مميزات طلبة وأساتذة هذه الجامعة المتخصصة؟
بخصوص الأساتذة، فجامعة الأمير تحظى بثلة من القامات العلمية التي أثبتت وجودها في الساحة العلمية الوطنية أو الدولية، ولكن شادية الحي لا تطرب، أما الطلبة ففيهم من هو ملء السمع والبصر حرصا واجتهادا ومنهم من هو دون ذلك، ويرجع سبب ذلك إلى تراجع المنظومة التعليمية في وطننا.
- وماذا قدمت حتى الآن ـ في تقديرك ـ عبر مدة من العمل والتعليم والتكوين؟
الحقيقة أنني لست مقتنعا بما تم تحقيقه؛ لأن طموحاتي لم يتحقق كثير منها، لأسباب ترجع إلى تقصيري أولا وقلة بضاعتي المعرفية ثانيا أو إلى الوضع العام العلمي في بلدنا، ولكنني إذا نظرت بإيجابية؛ فوجدت بعض من درستهم في جامعة الأمير أو معهد البيضاوي أو في المسجد هم إطارات علمية (أساتذة، أئمة ….) أو أناس فاعلون في المجتمع حمدت الله تعالى.
- ما رأيك وما تقويمك لمسألة “التحصيل العلمي” في ضوء ما يقال عن “ضعف مستوى الطلبة والطالبات ” الجامعيين عموما؟
ضعف التحصيل العلمي لا نزاع فيه بين خبراء التعليم، والسبب هو تراجع المدرسة الجزائرية، فما مورس من إصلاحات هو في حقيقته كان تدبيرا وإجهازا على المدرسة، والدليل على ذلك أنك تجد تراجعا في المستوى من سنة إلى أخرى.
- ـ كيف تبدو لك ساحة الدعوة الإسلامية في وطننا … من حيث قوة التأثير أو ضعفه، وما هي الأسباب في رأيك؟
واقع الساحة الدعوية متهلهل، يمكن إيجازه في النقاط الآتية:
- التطرف الفكري من الجهتين.
– التشرذم والتنازع بين أطياف الساحة الدعوة.
– الهوى المطاع وإعجاب كل ذي رأي برأيه.
– الصراعات الجزئية وعدم الاحتفال بكليات الدين والقضايا المصيرية.
– البعد عن العمل المؤسسي والاكتفاء بالعمل الفردي في أحسن الأحول.
– النظرة المتشائمة من المستقبل…إلخ
أما عن التأثير فلا ريب أنه موجود ولكنه ضعيف لوجود المنافسة المتفننة من خصوم الدعوة.
- كعضو في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين …كيف تنظر إلى الجمعية وكيف تقيّم أداءها حتى الآن؟
جمعية العلماء الحالية جهد مبرور وعمل مشكور، ولكنها تحتاج إلى تجديد في وسائلها وتفعيل لمتغيرات عصرها، فلا زلنا نعيش على أنغام النشاطات الرتيبة، كإنشاء مدرسة قرآنية أو إحياء مناسبة دينية في حين أن في الجمعية من الطاقات الشابة التي تستطيع أن تؤثر تأثيرا قويا باستخدام الوسائل الحديثة، ولنضرب لهذا بمثال: طرح قبل سنوات مشروع قناة فضائية، وقد بقيّ إلى يوم الناس هذا حبرا على ورق، ونستطيع من خلال غرفة صغيرة، وتدفق معتبر من الانترنت أن نشحذ اليوتيوب ببرامج قصيرة نافعة في شتى الميادين ربما تغزو مجامع الشباب أكثر من هذا المشروع.
والحقيقة أن جمعية العلماء التاريخية قدمت مع قلة إمكاناتها ما شهد له المخالف قبل المؤالف، ومن هنا فنحن بحاجة إلى مراجعة صادقة لعمل الجمعية، ليس تنقصا للجهود المعتبرة، ولكن بلوغا بالجمعية لما ترنو إليه أماني المنتسبين إليها.
- أنت أحد المشتغلين بالعلم الشرعي تعليما وتدريسا وتأطيرا … هل يمكن أن نعرف ـ بشكل دقيق ـ مدى انتشار ثقافة العلم الشرعي في بلدنا ؟ وما هو حظ المجتمع من هذه الثقافة الأساسية في رأيك؟
مثل هذا الحكم يحتاج إلى تتبع واستقراء وأنا لا أدعيه، هناك جهود معتبرة لإحياء العلوم الشرعية، ولكنها غير مثمنة، وتختلف من منطقة إلى أخرى، ولكن في الجملة وضعنا باعتبار بعض الدول أقل من هذه الجهة، فهناك زهد كبير في تعلم العلم الشرعي، لأسباب منها الاشتغال بالملهيات عن العلم، فلا يخفى على شريف سمعكم أن العلم الشرعي يحتاج إلى جد واجتهاد، واعتبر هذا بحفظ القرآن فقط يتبين لك مدى زهد الناس في العلم.
- لمن تعود المسؤولية في هذا الأمر إذا كان حظ الناس من العلم الشرعي والثقافة الإسلامية الضرورية بسيطا وضئيلا ؟
المسؤولية مشتركة بين الحاكم والمحكوم وبين المثقف وغير المثقف، فنحن بحاجة إلى فتح أبواب الإعلام للعلماء والمدرسين، كما نحتاج إلى تحفيز الطلبة معنويا وماديا، كما نحتاج إلى تفعيل هذه الثقافة في نظام الحكم، وفي الوظائف والمناصب، ونحن أحوج ما نكون إلى إرجاع العلوم الشرعية إلى منزلتها في المنظومة التعليمية، ومن جهة الأفراد لابد من تحسيس المواطن بأهمية ما يتعلمه، وأنه فرض يأثم بتضييعه وبالأخص في العلم الضروري من الدين.
- حدثنا عن المدرسة الشرعية المسائية التي افتتحتموها قبل ثلاث سنوات ـ فيما أذكرـ وهل يمكن تعميم هذه التجربة ؟ وما هي ثمراتها حتى الآن ؟.
هذا المشروع هو جهد المقل، ولا أدعي فيه الجدة أو الابتكار، فقد حاولت برفقة بعض المشايخ إيجاد مدرسة مسائية هدفها استهداف عامة الناس بتقريب العلوم الشرعية. ويمكن الحديث عن المدرسة بذكر ما يلي:
أولاً: أهداف المشروع:
- 1. تعهد العقيدة الإسلامية الصحيحة من خلال ما عليه أهل السنة والجماعة.
2.تعليم الأحكام الشرعية العملية مع معرفة أدلتها التفصيلية من خلال اعتماد مذهب إمام دار الهجرة. مالك بن أنس.
- 3. تنمية الوعي الوطني والديني من خلال التعريف بالقضايا الوطنية والعالمية مع تأصيلها من الناحية الشرعية.
- 4. توليد الرغبة في الازدياد من العلم والعمل الصالح وتدريب الطالب على الاستفادة من أوقات فراغه ومنهج ذلك .
- 5. تكوين شبكة متآلفة من طلبة العلم وتشويقهم إلى البحث العلمي النافع والهادئ وتوجيههم إلى المطالعة العلمية المفيدة مع معرفة الطرائق الحديثة في ذلك.
- 6. الحرص على تحقيق الهدف الذي حكاه الإمام الإبراهيمي: “كانت الطريقة التي اتفقنا عليها أنا وابن باديس في اجتماعنا بالمدينة في تربية النشء هي: ألا نتوسع له في العلم، وإنما نربّيه على فكرة صحيحة ولو مع علم قليل، فتمت لنا هذه التجربة في الجيش الذي أعددناه من تلامذتنا” [آثار الإبراهيمي 5/280].
- 7. الحرص على تفعيل الطاقات العلمية الموجودة على مستوى البلدية والولاية.
ثانيا: العاملون في المدرسة :
يشرف على المدرسة هيئة تدريسية مكونة من نخبة من الأساتذة الحاصلين على مؤهلات علمية من ذوي الاختصاص والخبرة التعليمية
الأستاذ = عبد الحق زداح، أستاذ اللغة العربية بمعهد البيضاوي (متخرج من معهد الفتح الإسلامي بسوريا).
د = عبد الرحيم ثابت، أستاذ التفسير بجامعة الأمير (مجاز في العشر).
الأستاذ = عبد العالي كعواش، أستاذ القراءات بمدرسة غزة (مجاز في العشر).
الأستاذ = سليم عويس، أستاذ بمعهد الكتانية لتكوين الأئمة (يحضر الدكتوراه بجامعة الزيتونة).
ثالثا: المواد الدراسية :
لحد الآن تم تدريس المواد الآتية:
أحكام التجويد (من طريق الأزرق برواية ورش عن نافع)= الشيخ عبد العالي كعواش.
العقائد الإسلامية لابن باديس = الشيخ سليم عويس.
تفسير جزء عم مع حفظه من خلال أيسر التفاسير للجزائري = د. عبد الرحيم ثابت.
الدروس النحوية = الشيخ عبد الحق زداح.
فصول من مجالس التذكير من حديث البشير النذير لابن باديس = الشيخ عبد الحق زداح.
متن الأخضري = د. ربيع لعور.
وحاليا ندرس الآتي – قبل فشو وباء كوفيد 19-.
شرح الزمزمية= د. عبد الرحيم ثابت.
آيات الأحكام للصابوني = د. ربيع لعور.
حفظ القرآن مع الإجازة = الشيخ عبد العالي كعواش.
رابعا: التوقيت: ما بين المغرب والعشاء؛ لأنه وقت ثابت لا يتغير.
وبخاصة أيام [الخميس، الجمعة، السبت]، ويمكن أن تكون نهارية بالتنسيق بين الأستاذ والطلبة.
ثامنا: المكان: قاعة النساء بمسجد الإمام مالك بلدية حامة بوزيان ولاية قسنطينة، وبهذه المناسبة أتقدم بالشكر الجزيل لمديرية الشؤون الدينية ممثلة في السيد المدير: لخضر فنيط الذي ثمن هذا المشروع وشجع على نجاحه، كما لا يفوتني أن أشكر السيد: الشيخ عبد الحكيم خلفاوي مدير مصلحة الثقافة الذي شجعنا على التأسيس والمواصلة.
ملحوظة: التعليم مجاني.
- كلمة أخيرة ..
للمعلمين والدعاة ننصح ونقول: اصبروا على التعليم وعلى مصاعبه؛ فإن الموعد حوض نبي صلى الله عليه وسلم …وللمسؤولين ننصح ونقول: شجعوا على نشر الثقافة الشرعية:”وتعاونوا على البر والتقوى”، وللمتعلمين نقول وننصح: كثّروا سواد مجالس العلم؛ فهم المرحومون لا يشقى بهم جليسهم، والله نسأل أن يرزقنا الإخلاص والصواب… شكرا لك سيدي على هذا الحوار.