مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
مقالات مختارة

فضل الزيتونة والأزهر- محمد الهادي الحسني

يؤدب الإسلام غير المؤدبين، فينهاهم عن بخس الناس أشياءهم، كما ينهاهم أن يحمدوا أحدا بما لم يفعل.
لقد قرأت أن أحد “كبار” المسؤولين قال إن للجزائر مرجعيتها، وهي – كما هدر – مرجعية “لا زينونية ولا أزهرية”.

لو كان هذا المسؤول “الكبير”، “وما كبير غير ربي” كما يقول شعبنا، وله حظ من المعرفة عن هذين المعلمين الكبيرين، لعلم كم من فضل لهما على الجزائر والجزائريين.. الذين لم ينشئوا عبر تاريخهم الإسلامي نصف هذين المعلمين.. من يقرأ كتب التاريخ والسير والتراجم سيجدها مملوءة وحافلة بأسماء علماء جزائريين درسوا في الزيتونة، وأصبحوا أنوارا شارقة، وأقمارا ساطعة ومنيرة ليس في الجزائر فقط، وليس في العالم العربي فحسب، بل في العالم الإسلامي كله.. وصدق القائل: “وكم في الجهل من ضرر”.

فليعلم هذا “المخ” أن العلماء الذين تعتز بهم الجزائر وتفخر إنما درسوا في الزيتونة ودرّسوا فيها..

ويكفي أن أشير إلى بعضهم، وهم:

الإمام محمد الخضر حسين، أصيل مدينة طولقة، الذي درس ودرّس في الزيتونة، كما درس في الشام، وتركيا، ثم انتهى به الأمر إلى مصر، حيث فرض نفسه بعلمه الغزير وخلقه الكريم، حتى صار شيخا لجامع الأزهر، ولم يتول هذا المنصب أحد من غير المصريين إلا هذا العالم الجزائري، الذي لا أدري إن كان المسئولون في “مقبرة العلم” كما قال الإمام الشهيد العربي التبسي قد أطلقوا اسمه على مدرسة، ولا أقول جامعة فهي مخصصة لمن لا يعلمون الكتاب إلا أماني، إلا ما رحم ربي..

أما الإمام الثاني الذي درس في الزيتونة ودرّس فيها فهو من تعرف الجزائر – بشرا وحجرا وشجرا – فضله عليها، أعني الإمام عبد الحميد ابن باديس.. والذي يعتبره الصالحون والعالمون أنه هو “مرجعية الجزائر” في التاريخ المعاصر، إذ لم ينبغ في الجزائريين في القرن التاسع عشر إلا الأمير المجاهد عبد القادر، ولم يُضئ سماء الجزائر في القرن إلا الإمام ابن باديس.. ولا أكثر من الاستشهادات، ويكفي أن أحيل القارئ على الكتاب القيم للدكتور خير الدين شترة، الذي عنوانه: “الطلبة الجزائريون بجامع الزيتونة 1900 – 1956″، وهو في ثلاثة أجزاء ضخام، ليعلم أن ما يسميه بعضنا “المرجعية الجزائرية” إنما صنعها هؤلاء الطلبة الذين صاروا أعلاما.. ولو ذكرت من تتلمذوا من الجزائريين في الأزهر الشريف لما اتسعت لذكر أسمائهم وأعمالهم المجلدات، ويكفي أن أشير إلى العالم العامل الفضيل الورتلاني، ولا بأس إن أدخلت الهواري بومدين ضمن هؤلاء، فهو وإن لم يكن عالما فقد اقتبس بعض أنوار الأزهر الشريف..

فعلى هذا المسئول “الكبير” الذي تشم رائحة “الغرور” في كلامه أن يخفف الوطء، ولا يمش في الأرض مرحا، فهو لن يبلغ الأزهر والزيتونة طولا.. والكبار حقا هم الذين لا يستنقصون ما عظم في التاريخ، رجالا ومنشآت. وقديما قال المتنبي الفحل: “وتكبر في عين الصغير صغارها”.

icon-tags

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى