مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
فتاوى مكتوبةفضاء الفتوىويستفتونك

فتاوى: بيع السلم أو السلف، وبيع الأجل أو الحاجة

السؤال: سأل الأخ ( ب .ق) من معسكر، له بساتين من شجر البرتقال، ويساومه التجار قبل أن تنضج، يدفعون له الثمن حالا ويسلم لهم البرتقال عندما يحين قطفها، ولكنهم يقيمون ثمنها بالشجرة، فهل يجوز ذلك؟ قال: وهل يجوز بيع الخضر (البطاطا) بالتأجيل أيضا وتقدر بالهكتار؟ فما حكم الشرع في هذا البيع؟ وهل يجوز البيع في مثل هذه الحال بغير تسجيل ( البيع بالفاتورة)؟

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ هذا البيع الذي سأل عنه السائل، هو بيع السلم أو بيع السلف.وهو بيع شيء موصوف في الذمة بثمن معجل، وبعضهم سماه بيع الحَاجَةِ، لأنه بيع غائب تدعو إليه ضرورة كل واحد من المتبايعين، فإن صاحب الزرع، أو البرتقال، أو البطاطا، أو التمر، وغيرها، قد يكون في حاجة إلى الثمن، وصاحب المال محتاج إلى تلك السلعة بعينها، عندما توجد. وعملية البيع هذه جائزة. قال النووي:(سمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس، وسمي سلفا لتقديم رأس المال) وفي الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فقال: [ مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ] (البخاري.كتاب السلم).
2 ـ لا يجوز تقييم أو تقدير الثمن بالشجرة، أو بالهكتار، كما جاء في سؤال السائل، وإنما بالوزن المعلوم كما جاء في الحديث المروي أعلاه [مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ]. كما يجوز أيضا بيع الأجل، وهو أن يأخذ المشتري المبيع ( السلعة) ويؤجل دفع الثمن إلى أجل معلوم.عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم [ اشترى من يهودي طعاما إلى أجل معلوم وارتهن منه درعا من حديد] (البخاري. كتاب السلم).
3 ـ يقول السائل: وهل يجوز بيع السلم، أو بيع الأجل، بغير كتابة؟ الجواب لا يجوز البيع بغير كتابة رسمية. قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ إلا في حالة قبض الثمن والسلعة في مجلس العقد. قال سبحانه وتعالى:﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا﴾ وهذا الاستثناء الذي لا يتطلب الكتابة والتسجيل، فهو في السلع والأشياء الاستهلاكية المنقولة المتداولة يوميا، وليست ذات قيمة، أما العقار، والسيارات، وكل ماله شأن ويسأل عنه مالكه كالهاتف، والساعة، والحاسوب، وغيره، لابد من الكتابة الرسمية، ولو كان يدا بيد، أي ولو كان المشتري استلم المبيع في مجلس العقد، والبائع استلم الثمن كذلك في المجلس نفسه.
فقد جاء التأكيد في آية المداينة مما يجب أن يعلمه المؤمنون بأن ما من شيء من العقود على الإطلاق، وفي البيوع السلمية والمؤجلة أن تسجل رسميا فتدبر هذه الآية من جديد يرحمك الله،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ قال ابن كثير: هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها، وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال:﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا﴾ وحتى الذي يشتري كتابا إلى أجل يجب أن يكتب كما بين الله تعالى في بالآية، أو بالرهن. قال الله تعالى:﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾.
4 ـ وفي بيع السلم إذا عجز البائع عن تسليم ما تعهد به وفق الشروط المتفق عليها، عند حلول الأجل، فإن المشتري مخير بين الانتظار، حتى يفي له البائع بما اتفقا عليه، أو استرجاع رأس ماله وفسخ العقد، ولا يجوز للمشتري أن يطلب زيادة بسبب التأخير.
والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.
***

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى