ولد ببني وثيلان عام 1920 وبها تلقّى تعليمه بدءا بجفظ القرآن بمسجد القرية ألذي أسّسه أجداده ثمّ في زاوية سيدي يحيى بن موسى في بني وغليس, ومن شيوخه الشهيد صالح إيزامران, ثمّ عند الشيخ يحيى حمّودي الحفيد أحد مؤسّسي جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين وعضو مجلسها الإداري الأوّل, ثمّ تلقّى بمعهد ابن باديس ثمّ الزيتونة لمدّة يسيرة, وهو المدرّس بمدارس الجمعيّة, وهو المجاهد بالولاية الثالثة المكلّف من طرف القائد الشهيد عميروش بإنشاء المدرسة المتنقّلة تبعا لظروف الحرب فكانت النواة الأولى لمدرسة أشبال الثورة , وهو السجين في الزنازن: سطيف- برج بو عريريج- بني مسّوس… وفي المعتقلات: قصر ويلدن- تيفشون- عين وسارة… وفيها بثّ العلم رفقة شيوخ معروفين: أحمد خطّاب البليدي- محمّد الشبوكي- محمّد الصالح بن عتيق… وهو الأستاذ بثانويات سكيكدة والعاصمة, والمتطوّع في تقديم الدروس الليلية بمسجد ومدرسة المرادية[لارودوت سابقا] في الأعوام الأولى من عمر الاستقلال, حيث تشرّفت بالتلمذة عليه مدّة قصيرة جدّا, وقد وقعت لي معه قضية, لم أدرك معرفتها إلاّ بعد سنوات طويلة, ودلّت على باعه في العلم والأخلاق, وذلك أنّه كان يركّز كثيرا على التطبيق في القواعد وخاصّة الإعراب, بحيث يشمل كلّ الطلبة, وفي الليلة الثانية من حضوري دروسه, وصلني السؤال, وأنا لا عهد لي من قبل بتلك الأسئلة, إلاّ ما قرأته عند الشيخ السعيد بن مخلوف وكان متن الأجروميّة, الذي يعتمد مؤلّفه المدرسة الكوفيّة في النحو, ومنه حفظت في باب الفعل: الأفعال ثلاثة ماض ومضارع وأمر, فالماضي مفتوح الأخير أبدا…
وسؤال الشيخ هو إعراب الجملة التالية: سمعت صدى أصوات الذئاب.
فحضرني الجواب التالي: سمع فعل ماض مبنيّ على الفتح, وهنا ارتفعت أصوات الطلبة منكرة الجواب, حيث تعلّموا أنّ الفعل الماضي هنا- حسب المدرسة البصريّة- مبنيّ على السكون لاتّصاله بضمير الرفع المتحرّك, فتدخّل الشيخ مصوّبا ومقرّا لجوابي ظنّا منه أنّي على جانب من التحصيل ولست كذلك, وتولّى الشيخ مهمّة الإشراف على تصحيح منشورات المعهد التربويّ الوطنيّ كما قام بمهمّة مفتّش الشؤون الدينيّة بولاية سطيف وبجاية في الفترة ما بين 1981-1987م, وفي سنوات 1989-2006 قام بمهمّة الخطيب بمسجد السبطين ثم بمسجد أبي ذرّ بسطيف, حيث كان لدروسه الأثر البالغ.
وللشيخ- في بقيّة أيّامه المباركة وبعد لزومه البيت وبلوغه من الكبر عتيّا- نشاط ومثابرة, فهو لا ينفكّ مطالعا ومتابعا وله محاولات جدّ مفيدة في نظم جوانب تاريخيّة من الجوانب المهملة والهامّة, وقد أهداني في يوم 29-06-2009م مجموعة من هذه المنظومات تنير المظلم من تاريخ الجهة وتبيّن قدرته وامتلاكه ناصية الشعر وهي جديرة بالاطّلاع:
المنظومة الأولى وتقع في 76بيتا, بعنوان:
إزعاج قرية: تعتبر سجلاّ وتاريخا حيّا لجرائم الاحتلال الفرنسي أيّام الثورة التحريريّة
والثانية بعنوان أوروبا قارّة إبليس في 71 بيتا وتعتبر تاريخا موجزا شاملا لعلاقات أوروبا مع الإسلام… تبيّن مدى إحاطة الشيخ بالتاريخ الدقيق…
والثالثة بعنوان مدرسة الأشبال في99 بيتا تبيّن اهتمام قيادة الثورة بشأن التعليم وتوضّح تنظيمه وتسييره.
وفي السنة الأخيرة من حياته الحافلة بجلائل الأعمال التي تكون عبرة وقدوة للأجيال وقد أعاقته الأمراض فلم يستسلم لها, وظلّ متنقّلا بين البيت والمستشفى إلى أن وافاه أجله بسطيف يوم الأربعاء 1 رجب الفرد 1435ه الموافق 30 أفريل 2014 ميلاديّة ودفن بمقبرة أسلافه ببني ورتيلان رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جنات النعيم آمين.