مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

هل يخرج حزب جبهة التحرير من أزمته؟ أ.د. عمار طالبي

images (1)   يعزّ علينا حقاً أن تصبح جبهة التحرير باسمها التاريخي الشامخ الذي حرر الوطن باسمه، وقامت بثورة تاريخية عظيمة، لم يدرك النّاس في وطننا عظمتها، ولا المؤرخون قارنوها بالثورات العالمية الكبرى التي غيرت وجه التاريخ، يعزّ علينا أن تتوالى عليها الأزمات واحدة بعد أخرى، منذ وقع الانقلاب على المجاهد الكبير، عبد الحميد مهري رحمه الله، وأسبغ عليه رضوانه في مثواه.

نعم كلّ حركة سياسية ثورية قد تتعرض لأزمات، وشدائد، واختلاف في الرؤى، ولكن أن تصل إلى هذا المستوى، فهذا أمر ما كنا نتوقعه ولا نتخيله.

يمكن القول بأنّه آن الأوان لأن يغير حزب جبهة التحرير منهجه وإستراتيجيته السياسية والثقافية والاقتصادية بطريقة علمية على أساس التغيرات العالمية اليوم، وقبل ذلك تدعو الضرورة إلى دراسة تقويمية لشؤونها وتطورها.

وتنتهي بميثاق جديد قائم على الشورى والمعطيات الجديدة في البلاد وخارجها، للخروج من هذا الانسداد والفراغ السياسي الذي تعاني منه الأحزاب الأخرى أيضاً.

وهذه إشارة وتنبيه كما يقول شيخنا ابن سينا من مناضل قديم في هذه الجبهة منذ نشأتها 1954. ولم انصرف عن النشاط فيها وفي مؤتمراتها إلا بعد الثمانينيات لأسباب إدارية وهجرة إلى الخارج في العشرية الحالكة الدموية المشؤومة.

إنّ جبهة التحرير -ولا أحب أن أسميها حزباً- كانت لها مشاكلها أيضا أثناء الثورة وأثناء الاستقلال، واخترقتها بعد الاستقلال خاصة إيديولوجيات ماركسية ويسارية، وأرادت أن تنحرف بها عن وجهتها العربية الإسلامية، كما سطرها نداء نوفمبر الذي شارك في صياغته الشهيد العظيم مصطفى بن بولعيد الذي كان ينشط في جمعية العلماء في باريس أيضاً، والعربي بن مهيدي أحد طلابها فقد كان أمامهما ما بثه شيخنا الأكبر ومعلمنا المصلح ابن بادييس من وعي عميق بمقومات الأمة، ودفاعه، المستميت عن دينها ولغتها وتاريخها، وثقافتها، ووطنها.

واختارت هذه الثورة لجنودها اسم: المجاهدين وغلب هذا الاسم عناوين أخرى كانت متداولة قبل الثورة مثل المناضل، والرفيق وما إلى ذلك.

لا يجوز أن يغيب عنا هذا التراث الثوري التاريخي الأسمى، ولا أسسه ومصادره ورجاله وآمالهم. لا يجوز أن يخيب ظنّ هؤلاء المجاهدين في عالم الأرواح، ولا أن نسيء إلى ثورتهم ومبادئهم، ولا أن تنسى وتذهب سدى.

إنّنا لنأسف ونحزن أشد الحزن والأسى إذا ضربت الجبهة من داخلها، وأصيبت في أوصالها وتقطعت أسبابها وسبلها إلى سبل وطرائق لا تزيدها إلا هزالاً ووهناً.

غاية الجبهة هي مصالح الأمة في اقتصادها وثرواتها، في الحفاظ على هذه الثروة فلا تنهب، ولا يذهب بها الأجانب، ولا أن ترحل إلى الأوطان الأخرى الأجنبية.

ويحرم منها شبابنا، الذي أصابته العطالة والبطالة واليأس، فأخذ ينتحر في البحار، في الليل والنّهار، بحثاً عن الكرامة، والضروري من العيش والحياة.

فهل فكرت الجبهة في تأسيس مراكز للبحث في شؤون الأمة، ووضع استراتيجيات ثقافية تربوية، وتكوين الخبراء، واستشراف المستقبل؟ هذا التفكير العلمي هو الذي يتيح لها أن تتهيأ لإدارة شؤون الأمة؟ وتنمية مواردها البشرية والمادية، وتنهض بهذه الشؤون، هذه هي السياسة. ولا تنقصنا الإمكانات البشرية ولا المادية، وإنمّا الذي ينقصنا حقاً وأوقعنا في فقر مدقع هو مناهج التسيير، والإدارة العلمية لشؤون الأمة إدارة مثمرة لا عوج فيها ولا انحراف. إلى الآن لم نبن قاعدة صناعية سليمة، ولم نضع قاعدة علمية لاقتصادنا، ولا لثقافتنا، يكون لها أثرها الفعال للخروج من هذا التخلف الذي أخذ يتعمق، فإذا لم تقم بهذا كله في هذه البحبوحة المالية، فمتى تحقق النّمو وتقضي على التخلف؟ هذه تنبيهات مخلصات لعلّها تجد آذاناً صاغية وما التوفيق إلا من الله العزيز الحكيم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى