مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

هل من مجيب؟ أ/ محمّد بومشرة.

  صرخ المسلمون لفلسطين وندّدوا ثمّ سلّموا مشعل الصّراخ والتّنديد لمن خلفهم. وانخفض الصّراخ وتفنّنوا في التّنديد، وبقيت فلسطين الجريحة في نزيف مستمر، تمرّ عليها السّنون، لتبقى فلسطين على حالها، بل مزّقت شرّ ممزّق وغرس فيها العدوّ أنيابه كما غرس الخونة من بني جلدتنا خناجر الغدر ومدى الصّمت في الظّهر باسم محاربة الإرهاب.

وكان هذا الصّمت الرّهيب والسّكوت المخيف استمرار العداء على الإسلام والمسلمين بشتّى الوسائل وأقبحها، ودفع الصّامتون الثّمن الغالي ولو على حسابهم وحساب شعوبهم. ومن نتائج هذا الصّمت تنازل العرب عن مبادئهم باسم المصلحة؛ إلى أن تعدّت قضية فلسطين إلى قضايا أخرى لا تقلّ أهمّية عن قضية فلسطين.

لا يخفى على العدوّ سرّ قوّتنا فسعى لخرق هذا السّرّ لتفكيك وحدتنا وحلّ تماسكنا وتمزيق روابطنا، حتّى نتغنّى بهذه الوحدة ولا نجعلها إلاّ شعارات للاستهلاك وعبارات تذرفها العيون. وركّز العدوّ على وسيلتين أساسيتين وهما الأسرة والمدرسة.

فالمدرسة أفرغوها من محتواها العلمي والفكري وجعلوها عدوّة للأولياء والتّلاميذ… وأمّا الأسرة فزوّدوها بقوانين لائكية ساهمت في تفكيكها مركّزين على الأم والمرأة بصفة عامّة، حتّى لم نعُد نفكّر في أمور المسلمين لا من قريب ولا من بعيد.

فهناك إخوان لنا مسلمون في العالم يعذّبون ويقتلون أغيرة أم حقدا؟ من قِبل من يدّعون أنّهم نصارى يتّبعون دين المسيح عليه وعلى نبيّنا السّلام. قتلوا المسلمين كباراً وصغاراً وحتّى النّساء لم يمنعوا من الإبادة التي قام بها فرعون وجنوده لأتباع موسى عليه وعلى نبيّنا السّلام.

ففي بلاد البوسنة والهرسك إبادة جماعية تحت أنظار الأمم المتّحدة وغفلة الجامعة العربية، وفي فلسطين يقتل إخواننا في السّجون بما يُسمّى الموت البطيء، وفي العالم العربي آلة القتل تقضي على كل من ينتمي إلى الحركات الإسلامية باسم محاربة الإرهاب، ولم ينته العداء على المسلمين في جمهوريات ما كان يُعرف بالاتّحاد السّوفياتي والاستمرار في قتلهم إلاّ لأنّهم قالوا ربّنا الله.

إنّه زمن أن نكون بإسلامنا الذي ارتضاه الله تعالى لنا، أو لا نكون. فها هي ذي أمّتنا تُباد نهاراً وجهاراً والمسلمون في غفلة بين الصّراع السّياسي على الكرسي على الرّغم من أنّهم سبق لهم الحكم ولم يقدّموا شيئا لشعوبهم فما بالك لمسلمي ميرامار وبورما الذين يقتلون شرّ القتل ليقضوا على الإسلام والمسلمين إنّها الحرب الصّليبية التي يتشدّق بها خاصّتهم وعامّتهم، وإذا حاول المسلمون الدّفاع عن إخوانهم اتّهموا بالإرهاب، فما الإرهاب؟.

يعود بنا الزّمن إلى سالف العهود قد خلت يوم كان المؤمنون أتباع موسى وعيسى عليهما وعلى نبيّنا السّلام يعذّبون أشدّ العذاب منهم من يُحرق بالنّار أو في غليان الزّيوت تحت أنظار العامّة في السّاحات العمومية، ومنهم من يُنشر بالمناشير إلى نصفين، وتُمشط أجسادهم بأمشاط من حديد ولا يُثنيهم عن دينهم قيد أنملة ممّا يزيد الحاكم الظّالم في ظلمه من التّعذيب إلى التّقتيل واستحياء نسائهم بمساعدة جنوده وحاشيته.

من منّا لا يعرف قصّة أهل الكهف التي نزلت سورة كاملة باسمهم، وأبناء ماشطة بنت فرعون وقومها قال الله تعالى فيهم في سورة البروج: “والسّماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قُتل أصحاب الأخدود النّار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمومنين شهود”.

أولئك من أتباع موسى وعيسى عليهما وعلى نبيّنا السّلام كم اشتاقوا لهما ليخلّصاهم من الطّغمة الحاكمة الضّالة الذين لا يرقبون فيهم إلاّ ولا ذمّة إلاّ أنّهم آمنوا بهما واتّبعوهما وصبروا على الإيذاء والتّعذيب بشتّى أنواعه، وقد ذكرهم الله تعالى لإنصافهم قال الله -عزّ وجلّ- في سورة غافر الآيات 21-25: “أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشدَّ منهم قوّة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من واق، ذلك بأنّهم كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فكفروا فأخذهم الله إنّه قويّ شديد العقاب، ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب فلمّا جاءهم بالحقّ من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلاّ في ضلال.”

نعم، وظهر من أولئك الحواريّين القساوسة والرّهبان وخلف من بعدهم خلْف اختلفوا وخالفوا في أديانهم، وزادوا فيه ونقصوا حسب أهوائهم إلى أن ضيّعوا الأمانة التي من أجلها ثبت مؤمنو موسى وعيسى عليهما وعلى نبيّنا السّلام.

ها هم الخلْف اليوم يزعمون أنّهم على دين موسى وعيسى وأنّهم على عهد أسلافهم، يقومون بتعذيب إخوانهم المؤمنين في الوطن والإنسانية حتّى القتل بكلّ برودة.

هؤلاء المسلمون اليوم هم كذلك يؤمنون بموسى وعيسى عليهما وعلى نبيّنا السّلام وهم أتباع أخ الأنبياء والرّسل محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وخاتمهم، وهو المبشّر به من قِبل سيّدنا عيسى عليه وعلى نبيّنا السّلام قال الله سبحانه وتعالى: “وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التّوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين.” سورة الصّفّ

نعم، وجاء النّبيّ المنتظر -صلّى الله عليه وسلّم- بالإسلام دينا متمّما لما جاء به الرّسل الأوّلون، وآمن به من آمن من المؤمنين تحت التّعذيب والتّشريد والتّقتيل والحصار للكبار والصّغار من كفّار قريش بإيعاز من يهود المدينة المنوّرة تحت أنظار أمبرطوريتي الفرس والرّوم، إلى أن انتشر الإسلام وظهر على الأديان كلّها وذلك بصبر المؤمنين ووعد الله عزّ وجلّ لهم بالنّصر.

وقام أبناء أولئك المؤمنين الأوائل مؤمنو موسى وعيسى بتعذيب مؤمني محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، بل بتقتيلهم شرّ قتلة إلى يومنا هذا. على الرّغم من أنّ هذا الدّين الحنيف دين سلام وأمان قال الله تعالى مخاطباً غير المسلمين على لسان رسوله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في سورة آل عمران: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا يتّخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون.”

فيا أتباع سلفكم الصّالح  لقد تعذّب أجدادكم من قبل ملوك أو فراعنة من أجل رسالة التّوحيد لا إله إلاّ الله وأنّ موسى وعيسى رسولا الله. وها أنتم هؤلاء اليوم في القرن الواحد والعشرين لا تسلكون نهج أجدادكم المؤمنين برسالة رسلهم، بل تحوّلتم تحت أنظار الولايات المتّحدة وروسيا والغرب ومنظّمة الأمم المتّحدة ومنظّمة الجامعة العربية وبإيعاز من الصّهاينة إلى فراعنة وجنود الطّغاة تذبّحون وتقتلون وتسفكون الدّماء وتستحيون النّساء وتفسدون الحرث والنّسل للمؤمنين برسالة التّوحيد لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله؛ بما فيها موسى وعيسى رسولا الله.

ما لكم؟ فهل من مجيب؟  فحين تموت القلوب، وتكمّم الأفواه فلا حياة لمن تنادي ولا تنتظر أيّ جواب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى