مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الحدث

ملتقى مركز الرؤية: “الفكرة عند مالك نبي”/أ.التهامي مجوري

MOULTAKA BENNABIإحياء للذكرى الأربعين لوفاة المفكر العالمي الجزائري مالك بن نبي رحمه الله، نظم مركز الرؤية للدراسات الحضارية، يومي الجمعة والسبت 25/26 أكتوبر 2013، ملتقى وطنيا بدار الإمام بالمحمدية، تحت عنوان “الفكرة عند مالك بن نبي”

 

انطلقت أشغال الملتقى بعد صلاة الجمعة مباشرة، فكان الاستقبال ابتداء من الساعة الثانية ونصف بعد صلاة الجمعة، ثم الشروع في الأشغال بالكلمة الافتتاحية التي ألقاها لأستاذ عبد الله لعريبي، التي كانت بمثابة الإشكالية التي ستجيب عنها محاضرات الملتقى التسع، حيث قال إن الأزمة التي يعيشها العالم الإسلامي ليست في عالم أشياء، ولا في عالم الأشخاص، وإنما هي في عالم أفكاره، وأن الثروة الحقيقية في المجتمعات ليست في ما تملك من أشياء، وإنما فيما عندها من أفكار حية وفاعلة.

تناول الملتقى بالدراسة والتحليل أفكار مالك بن نبي، من خلال تسع محاضرات ألقيت في ثلاث جلسات أدارها ثلاثة من تلامذة مالك بن نبي رحمه، وهم الدكتور محمد سعيد مولاي، والأستاذ عبد الوهاب بن حمودة، والدكتور عمار طالبي.

فالجلسة الأولى التي أدارها الدكتور محمد سعيد مولاي، وعنوانها “هل نعرف بن نبي؟” فكانت في أمسية الجمعة، بثلاث محاضرات، المحاضرة الأولى للدكتور مولود عويمر، وكان موضوعها التعريف ببن نبي، وقد استخلص المحاضر فيها من خلال سرد جوانب كثيرة من حياته الخاصة والعامة، أن مالك بن نبي ولد ليموت مفكرا..؛ بل إن بن نبي فشل في تجارب كثيرة خاضها، فجرب التجارة وحاول الهجرة طلبا للرزق، وحاول الدراسة في مجالات معينة أحبها، وفشل في كل ذلك..لتوجهه العناية الإلهية إلى عالم الفكر، والفكر المتميز.

أما المحاضرة الثانية فقد كانت للدكتور لخضر شريط وموضوعها التعريف بمؤلفات مالك بن نبي، التي جاوزت العشرين مؤلفا، وقد صنفها الدكتور شريط إلى أربعة محاور، محور التنظير، ومحور الـ”سوسيو سياسية”، ومحور في السيرة، وأخيرا بن نبي والفكر الإسلامي، الذي عرض فيه النماذج والمقارنة والنقد والبناء والأفق، ليستنتج في النهاية أن جميعها خلاصات فكرية أصيلة تحتاج الإثراء والدراسة والتحليل، وليست مجرد مقالات صحفية جاهزة لمجرد الاستهلاك.

المحاضرة الثالثة وكانت للدكتور عمار طالبي الذي هو من تلاميذ بن نبي وموضوعها “ملامح فكر مال بن نبي”، فقد ركز المحاضر على منهجية مالك بن نبي في طرح الأفكار ومناقشتها، ثم عرج على كيفية صياغته للأفكار، فقال إن بن نبي يمتاز بـ”تحليل الظواهر الاجتماعية الحضارية تحليلاً يظهر عناصرها وأصولها على طريقة الكيميائيين في تحليلاتهم للظواهر المادية، لينتهي بعد ذلك إلى صياغة نتائجه في صيغة معادلة رياضية تمتاز بالاختصار والدقة”. ثم اتبعت المحاضرات الثلاث بمناقشات وتعقيبات الحاضرين.

وفي اليوم الثاني بدأت الأشغال على الساعة التاسعة، وكانت الجلسة الأولى برئاسة الأستاذ عبد الوهاب حمودة، وتتضمن ثلاث محاضرات، الأولى كانت للأستاذ عبد الرحمن بن عمارة وهو مم تلاميذ مالك بن نبي رحمه الله، وكانت محاضرته بالفرنسية، ورغم أنه مفرنس فإنه لم يعجز عن تبليغ أفكاره بلغة عربية لا بأس بها، ولكن يبدو أن وفاءه للأفكار فرض عليه أن يبلغها باللغة التي يتقنها، وبالفعل فإن متابعته وهو يلقي بالفرنسية يشعر أنه يسترسل في عرض ما يريد بأسلوب سلس يفهمه حتى الذي لا يحسن الفرنسية. وموضوع محاضرته هو مفهوم الحضارة عند مالك بن نبي الذي له عدة تعريفات بتعدد الوظائف. كما ذكر الأستاذ بن عمارة الفواصل والحدود والمواصفات التي ينبني عليها مفهوم الحضارة، كما في معرض كلامه عن واقعة صفين التي اعتبرها بن نبي رحمه الله بداية توقف إشعاع الروح وتوقف الصعود الحضاري، وتساءل المحاضر لماذا لم يعتبر واقعة الجمل مثلا معلما لذلك؟ ويجيب المحاضر لأن واقعة الجمل هي واقعة اجتهادية لم تخرج عن جوهر الصف الإسلامي، بينما واقعة صفين هي امتداد لاغتيال الخليفة الثالث لتؤسس إلى منهج جديد في مؤسسات الدولة الإسلامية، الذي هو التأسيس للاستبداد، والشروع في التحول إلى الملك الغضوض.

المحاضرة الثانية للدكتور الطيب برغوث وموضوعها أثر الفكرة الدينية في حركة المجتمع. حاول الأستاذ الطيب استكشاف الرؤية الفكرية والمنهجية التي تعالج هذه القضية المحورية في حركة الاستخلاف البشري، فلاحظها مبثوثة فيما ترك الأستاذ بن نبي من آثار، ولكنها تحتاج إلى جهود مكثفة لاستخراجها، ودعا الأستاذ بهذه المناسبة إلى دراسة بن نبي دراسة علمية جادة، والتأسيس لمدرسة سننية فاعلة مبنية على إعادة اكتشاف بن نبي وصياغة مشاريع نهضوية في الجزائر والعالم، ولِمَ لا تكون مدرسة جزائرية في العلوم الاجتماعية منطلقها المفكر مالك بن نبي رحمه الله.

المحاضرة الثالثة وكانت للدكتور عمار جيدل التي كشف فيها عن معنى الفكر الذي هو جوهر الإنسان، ولكن هذا الجوهر ليس لغوا أو فاضل قول وإنما هو معتقدات ومفاهيم وقناعات طبعت في القلب فتحولت إلى حركة وفعل ينفع الناس، فبن نبي رحمه الله لم يكن مترف قول أو وعاء حشو، وإنما كانت له أفكار لها طابعها التنموي المتميز.

ثم اختتمت المحاضرات بمناقشات وتعقيبات على المحاضرات.

أما الجلسة الثالثة وهي الجلسة الثانية ليوم السبت فقد استؤنفت على الساعة الثانية وربعا، برئاسة الدكتور عمار طالبي وعنوانها أفكار مالك بن نبي من التنظير إلى التدبير، فقد كان هذا المحور محاولة لمناقشة بعض طروحاات بن نبي التي جسد فيها كيفية الانتقال من التنظير الفكري إلى التدبير العملي، فخصصت لذلك ثلاث محاضرات، المحاضرة الأولى للدكتور حسين آيت عيسي، وموضوعها التربية الحضارية، فقد أوضح المحاضر أن بن نبي لم يفرد موضع التربية بالتأليف، ولكنه في طروحاته المتنوعة توجد نتف من قضايا التربية والتنظير التربوي، فهو يتكلم عن الإنسان من حيث هو أهم عناصر الحضارة المكونة من” الإنسان والتراب والوقت”، وما هي الشروط التي ينبغي توفرها فيه؟ وما هي شروط وضوابط فاعليته؟ وما هو النموذج المنشود؟ لتصل في النهاية إلى مفهوم للتربية وإن لم يصرح بذلك؛ لأن البحث في إيجاد إنسان الحضارة، يعني كيفية تربية هذا الإنسان ليكون كذلك. المحاضرة الثانية هي مشروع النهضة مع رؤية اقتصادية لدى مالك بن نبي رحمه الله، للدكتور محمد ناصر ثابت. اعتبر المحاضر أن الفكر الاقتصادي عند بن نبي متوجه إلى توجيه الاستثمار بتحرير الطاقات، لتحقيق الإعمار في مشاريع تلبي حاجات الناس..، وأشار المحاضر إلى ضرورة تأصيل التنظير الاقتصادي، ليؤدي وظيفته كاملة.

أما المحاضرة الثالثة فكانت للدكتور سليم قلالة فقد كان موضوعها المستقبل والاستشراف في فكر مالك بن نبي، من خلال عرضه لأربعة نقاط متعلقة بالسياسة والعلاقات الدولية:

1-   القوة

2-   التقدم

3-   القطبية الدولية

4-   الحرب والسلام

وذلك من خلال ستة مؤلفات لبن نبي: مشكلة الثقافة، الفكرة الأفروآسيوية، شروط النهضة، فكرة كومنويلث إسلامي، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، ميلاد مجتمع.

ليصل إلى أن بن نبي يعتبر الاهتمام بالمستقبل هو نفي للتخطيط وفقر سياسة السهولة المستندة إلى العاطفة والشهوانية.

وذكر قلالة في محاضرته نموذجا لاستشرافات مالك بن نبي، أنه كان يميز الصين عن الاتحاد السوفياتي رغم أنهما من مدرسة سياسية واقتصادية واحدة؛ لأن الصين تنتمي إلى المجتمع الآسيوي بكل ما يحمل الانتماء من خصائص وتميز، أما روسيا فتنتمي إلى الغرب أي محور واشنطن موسكو، بكل ما يحمل الانتماء من معان ومضامين.

ثم اتبعت هذه المحاضرات الثلاث بمناقشة وتعقيبات أثرت الموضوع.

وفي الأخير اختتمت بتلاوة توصيات خلاصتها دعوة الأساتذة والطلبة والدارسين وكل المهتمين بفكر مالك بن نبي إلى تحويل هذا الاهتمام إلى دراسات معمقة ومشاريع تنموية ونهضوية تفيد الإنسان عموما والجزائري خصوصا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى