كتابان في مآثر الجزائر./ تقديم: إسلام ساحلي

ـ
نقف اليوم في هذا الركن مع كتابين يسجلان مآثر الفكر والمفكرين في الجزائر، الكتاب الأول هو:
1- (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مآثر جهاد،وتحديات) لمؤلفه الشيخ أحمد بطاط عضو مكتب شعبة جمعية العلماء المسلمين لولاية المسيلة وهو عبارة عن بحث في تاريخ نضال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مجال الدعوة والإصلاح والتربية.
يقع الكتاب في 68 صفحة من القطع المتوسط ويتوزع على أربعة فصول وخاتمة ومقدمة بقلم الأستاذ السعيد بورزق جاء فيها:
"يعد كتاب الشيخ أحمد بطاط على تواضعه كتابا قيما في مضمونه يدخل ضمن الكتابات التاريخية التي تهتم بالثورات الجزائرية على امتداد قرنين من الزمن وهو يركز على أحد جوانب هذه الثورات البارزة التي ترتكز في مقارعة الاستعمار ومناهضته على الجانب الثقافي باعتبار الجمعية ثقافية فكرية منهجها عقلاني في محاربة الاستعمار وهي ترى ورأيها الحق أن ثورة التحرير بالسلاح ينبغي أن تسبقها ثورة التحرير بالقلم، وهي الثورة التي هيأت الشعب ثقافيا فكانت تبني الأفكار وتلفت الأنظار وتحيي النفوس والمشاعر وهو ما غفلت عنه الثورات السابقة ابتداء بثورة الأمير عبد القادر وانتهاء بثورة الأحزاب قبل عام 1954، والتي ظلت ثورات نخب والشعب فيها مغيب أو على هامشها، ولذلك لا نعجب إذا كانت الطلائع الأولى لثورة التحرير 1954 قادة ووقودا واتباعها (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) سواء في الجناب السياسي والدبلوماسي أو العسكري والإداري.".
الفصل الأولمن الكتاب بعنوان "الأزمة تلد الهمة" ويحتوي لمحة موجزة عن حياة الإمام بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي ودورهما في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ونشر مبادئهما.
الفصل الثانيبعنوان: "التربية والتعليم في برامج ومناهج جمعية العلماء"، الفصل الثالث بعنوان "موقف جمعية العلماء من ثورة التحرير"، وأما الفصل الرابع فبعنوان "وأد الجمعية وتوقف نشاطها بعد الاستقلال"، وقام المؤلف فيه بقراءة عن النتائج السلبية التي أثرت على المرجعية الدينية والثقافية للجزائر بسبب توقيف نشاط جمعية العلماء المسلمين بعد استرجاع السيادة الوطنية.
يمكن القول أن الكاتب قد استلهم في هذا العمل مضمون الحكمة العربية القائلة: "ما لا يدرك كله لا يترك جله" فهو وإن كان قد قدم عملا نافعا يستحق الإشادة بهذا الكتاب إلا أنه وقع في بعض الأخطاء التي يجب تصحيحها منها قوله أن تأسيس معهد عبد الحميد بن باديس كان سنة 1940 والمعروف أن هذا المعهد أشرف الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين وخليفة الإمام عبد الحميد بن باديس على تأسيسه سنة 1948.
ويذكر في الصفحة 17 تحت محور سن القوانين المجحفة الجائرة لصد الناس عن تعليم لغتهم ما سماه: "..ومن أهم واخطر هذه القانونين: قانون أصدره سوطان" وزير داخلية فرنسا سنة 1938 وبالضبط في الثامن مارس من هذه السنة الذي يعتبر فيه اللغة العربية لغة أجنبية ويعاقب كل من يمارسها أو يتعاطاها بدون رخصة بالسجن والتغريم" والصحيح أن صاحب هذا المرسوم المشؤوم هو رئيس حكومة فرنسا ووزير داخليتها آنذاك "إميل شوطان" ولعل رسم الكلمة قد يكون ناتجا عن خطأ مطبعي، أما في الصحة 50 فيكتب أن قانون شوطان قد صدر في 8مارس1937 والصحيح أنه صدر في 8مارس 1938 كما ذكر هو نفسه في الصفحة17.
نرجو تصحيح هذه الأخطاء في طبعة لاحقة بإذنه تعالى.
أما الكتاب الثاني الصادر عن منشورات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ، المركز الثقافي الإسلامي تحت عنوان "مولود قاسم نايت بلقاسم المفكر الموسوعي" والكتاب يقع في 471 صفحة من القطع المتوسط تتصدره صورة المفكر الجزائري الراحل مولود قاسم ويضم مجموعة المقالات والخطب التي كتبها أو ألقاها الأستاذ مولود قاسم أو المحاضرات والمناقشات التي نشطها في ملتقيات الفكر الإسلامي بالإضافة إلى مجموعة من الصور الأرشيفية عن المناسبات الرسمية التي حضرها داخل الوطن وخارجه، وكتب الأستاذ عمر بافولولو في مقدمة الكتاب ما يلي: "يتضمن الكتاب مقالات تهدف في جملتها إلى ترسيخ الهوية الوطنية والبعد التاريخي وتأصيل القيم الأصلية والحضارية بالإضافة إلى البعد الإبداعي والجمالي، دون أن يخلو كلامه من النكتة الهادفة.
وقد تم اختيار هذه المقالات كونها منشورة في مجلات متفرقة ولم يتم جمعها في مؤلف واحد على غرار بعض المقالات الأخرى التي جمعت ونشرت في كتابين: الكتاب أول بجزئين تحت عنوان "أصالية أم انفصالية"؟ لمولود قاسم نايت بلقاسم، دار الأمة، الجزائر، الطبعة الثانية2007.
والكتاب الثاني تحت عنوان "مولو قاسم نايت بلقاسم رمز كفاح الأمة" للدكتور أحمد بن نعمان، دار الأمة، الجزائر، 1994
ويمكن تصنيف المقالات المختارة حسب موضوعاتها إلى:
– مقالات فكرية
– مقالا تاريخية
– مقالات في اللغة والتعريب
– مقالات أخرى
وهي مرتبة في هذا الكتاب حسب مصادرها والأحداث التي نشرت فيها. أما تصدير الكتاب فقد كتبه وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله جاء فيه: "يعتبر مولود قاسم قدوة بحق فهو إنساني ووطني، أصيل وعصري، صارم وصبور، منهجي وصريح وسطي معتدل، معتز بدينه ومهتم بنهضة أمته، معتز بالعقل ومدرك لأهمية المشاعر والنقل، متقن للغة القرآن ومحسن لأكثر من لسان موسوعي مبهر ومختص دقيق مثمر ومبدع منتج مكثر".
إن هذا الكتاب ثروة ثقافية وذخيرة معرفية خاصة بالنسبة لجيل الشباب الذين لم يعرفوا مولود قاسم عن قرب ولم يسبق لهم أن قرؤوا إنتاجه الغزير الأصيل، وهي مبادرة طيبة محمودة للمركز الثقافي الإسلامي الجزائر الذي أحيى تراث أعلام الجزائر من أمثال الأستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم -عليه رحمة الله-.