قضايا اللغة العربية المعاصرة -1- / د : عمّار طالبي .

هذا هو محور المـؤتـمـر التّــاسـع والسّـبعـين لـمجــمع اللّـــغة الــعربــيّة بـــالـقاهـــرة الذي دام من 13 جمادى الأولى 1434هـ إلى 27 منه الموافق لـ 25 مارس إلى 8 أفريل 2013 .
وهو محور مهم يتطلبه وضع هذه اللغة اليوم في أوطان البلاد العربية، وما أصابه من أوضار وضعف، وما يحيط به من أخطار تغيّر من أسلوب العربية ومفرداتها، وتشوه استعمالاتها وتراكيبها، بسبب عوامل متعددة كاللغة الأجنبية، وسرعة الإعلاميين في الترجمة منها، الأمر الذي يجعلهم يستعملون أساليب على غير مجرى العربية وأوضاعها، واستعمالاتها، وبسبب اللهجات العامية المختلفة مشرقا ومغربا، وما يسمى بالشعر النبطي أو الملحون، ومزاحمة اللغات الأجنبية في المدارس في الصفوف الأولى الذي يضعف من التمكن من العربية، ويدخل ضيما كبيرا على اللسان العربي وعلى تمكّن التلاميذ منه، بالإضافة إلى تعليم العلوم الدقيقة باللغة الأجنبية في الجامعات، وإصرار أساتذة التعليم العالي في أغلبهم على ذلك، فيجعلون الطالب سجين هذه اللغات لا يدركها إدراكا صحيحا فيؤثر ذلك في فهمه، وإدراكه إدراكا صحيحا للمفاهيم العلمية، فتبقى مفاهيم كثيرة غامضة في ذهنه ولا يتمكن من الإبداع فيها.
إن التعليم باللسان العربي لهذه العلوم هو الذي يضمن نمو لغة العلم، واصطلاحاته، ووضعها وضعا يتمكن من الطلاب، باجتهاد المجتهدين من الأساتذة، أما ما تضعه المجامع مع المصطلحات إذا لم تستعمل في الجامعات تدريسا وبحثا، فإنها تبقى حبرا على ورق لا تحيا بالاستعمال، ولا تنمو بالاجتهاد في تطويرها وحسن وضعها بدقة.
وهذه المحاور التي وضعها المؤتمر ليبحثها المتخصصون، وينتهون بها إلى قرارات وتوصيات:
1- المصطلح اللغوي والثقافي والعلمي بين المشرق والمغرب العربي.
2- لغة العصر والتراث اللغوي: تواصل أم انقطاع؟
3- تعريب العلوم: ضرورة لغوية أم حاجة قومية؟
4- اللغة في الدراما التلفزيونية.
5- لغة الحوار في الأجناس الأدبية المعاصرة.
6- لغة الإعلان الصحفي وطرق الارتقاء بها.
7- اللغة العربية في مدارس اللغات.
8- واقع الترجمة من العربية وإليها.
9- من مشكلات اللغة العربية الآن وقضاياها.
ألقى كلمة الافتتاح الأستاذ فاروق شوشة الأمين العام للمجمع، وألقى رئيس المجمع الأستاذ الدكتور حسن محمود عبد اللطيف الشافعي كلمة أخرى.
أشار الأستاذ فاروق في كلمته إلى التاريخ العريق للمجمع منذ سنة 1934 إلى يومنا هذا وما حققه من إنجاز، وإلى مكانة المجمع في سجل التوثيق لهذه اللغة الشريفة، لغة العلم والحضارة، ولغة الإبداع والفنون.
وبيّن الأستاذ الدكتور حسن الشافعي رئيس المجمع في كلمته شرف هذه اللغة، وأنها يشرف بها كل من خدمها، وحافظ على وجودها حيّة بين اللغات، لأنها لسان القرآن، واختارها الله لتعبّر عن وحيه وعظيم بيانه.
وأشار إلى "أننا أسأنا تقديم لغتنا إلى الجيل الجديد، وسلمناهم إلى غيرنا ممن حببوا إليهم لغات أخرى غير لغتنا، فوجدوا أنفسهم أقرب إلى تلك اللغات وثقافتها منهم إلى لسان أمتهم وثقافتها"، كما أشار إلى أن خمس مؤسسات تقوم على خدمة العربية في عواصم عربية، وعسى أن يكون هذا فاتحة لمرحلة جديدة تنهض بالعربية، كما أشار إلى الانتقادات التي توجه إلى مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومآخذ منها: ضعف التواصل بين المجمع والجماهير العربية بوجه عام، وضعفه مع الجامعات وجمهور المثقفين، وإن كان بعض الكتاب الإعلاميين يظلم المجمع بانتقادات لا أساس لها.
وأشار إلى تطوير مجلة المجمع إلى عهد جديد في صورتها ومحتواها، وإلى صدور عدد ضخم من المعاجم اللغوية والفنية، وخدمت هذا كله خمس وعشرون لجنة من لجان المجمع.
كما أن المجمع تحقق له في دستور مصر الجديد من الاستعمال والعناية باللغة العربية في مواد دستورية ثلاثة، وهي:
– تحمي الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف.
ـ
– حرية البحث العلمي مكفولة، والجامعات والمجامع العلمية واللغوية ومراكز البحث العلمي مستقلة، وتخصص لها الدولة نسبة كافية من الناتج القومي.
ـ
– اللغة العربية مادة أساسية في مراحل التعليم المختلفة بكل المؤسسات التعليمية، والتربية الدينية والتاريخ الوطني مادتان أساسيتان في التعليم قبل الجامعي بكل ألوانه.
وبجانب صدور المعجم الوسيط، فإن العمل جار لإصدار معجم مصوّر للأطفال، والمعجم الكبير الذي تجتهد لجنته لإصداره في مدة أقصر، والمعجم التاريخي لهذه اللغة الشريفة "والذخيرة العربية" التي يقوم بها مجمع الجزائر .