مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الحدث

المخاض المصري العسير…

سبحان الذي خلق الأزواج كلّها في مصر فجمع –حتى- بين أضدادها في نفس الميدان، وداخل نفس الكيان، وفي عقل ذات الإنسان. نحن نعيش بعض علامات الساعة السياسية في مصر الكنانة، فنلتقي على صعيدها بموت رئيس إنسان، وحياة شبح حُطام كيان.ونمزج بين دمعة حزن الموت، ودعابة النكتة الساخرة بالضحك على الموت.

وكم ذا بمصر من المضحكات

ولكنّه ضحك كالبكا

كما نسمع، بآخر مستجدات السياسة في مصر الكنانة، بظهور رئيس باسمين ورأسين ووجهين. ونلاحظ تعايش العسكري والمدني، من العقيد إلى الفريق، ومن الشاويش إلى الرفيق، وكلّهم يدّعون وصلاً بمصر، ومصر لا تقرّ لهم بذلك.

لقد أظهر الله شروط الساعة، في المخاض العسير من أجل تقرير المصير بين حشود الغفير، وثوار ميدان التحرير.

إنّها شروط لم يعهدها الشرق أو الغرب في استحقاقاته، وانتخاباته، ويعيشها النظام العسكري المصري، بتناقضاته وتواطؤ قواته.

عشنا التجربة الرئاسية الفرنسية فكانت الساعة الحاسمة عند إعلان النتيجة التي سلّم بها المنتصر والمنهزم، فما ارتفع صوت واحد يطعن في فوز هذا أو هزيمة ذاك، ولا في نسبة هذا أو ذلك، فهل تختلف الانتخابات في منهجها، وفرزها، وعدّها، وطريقة إعلان نتيجتها من بلد إلى بلد، ومن إنسان إلى آخر؟ وأين يكمن الخلل، هل في الآليات المستخدمة، أم في الأنظمة المتحكِّمة أم في العقليات المترصبة المتنفذة المتعممة؟… ذلك هو ما جعلنا في فرنسا الغرب نسلِّم بنهاية الانتخابات عند إعلان النتيجة، ونتوقع بداية مشاكل الانتخابات في بلادنا العربية بمجرد إعلان النتيجة. وإنّ ما جرى في الجزائر منذ أسابيع، وما يجري في مصر اليوم، لأسوأ مؤشر على الطريقة التي تدار بها الاستحقاقات في الشرق المتديّن، وفي الغرب العلماني المتصهين.

إنّ ما قدمته مصر لشعبها وللعالم من مشهد مضحك مبك، لمما يعتصر له القلب. فهل أتاكم نبأ الخصمين اللّذين يعلنان انتصارهما واستحقاقهما للفوز بنفس الطريقة وبنفس النسبة، وفي نفس اللحظة؟. إنّ هذا لمما عجزت وتعجز عنه أحدث آليات الفرز في الانتخاب، وأصدق مبتكرات العدّ والحساب.

وتعالوا بنا نخضع التجربة المصرية الأخيرة لمستجداتها وتطوراتها لمنطق الشعوب وصالح الأنظمة  لنستخلص منها بعض الدروس، ولعلّ ما يمكن التوقف عنده منها ما يلي:

1. إنّ مجرّد صعود المرشح المحسوب على النظام العسكري الحاكم للدور الأوّل في الانتخابات على قدم المساواة مع المرشح المحسوب على التيار الشعبي، لهو كالجمع بين السيف والعصا أو بين السجين والسجان. فهل يستويان؟.

2. أن يحرز المرشح المحسوب على النظام الحاكم المتّهم من قبل الثورة الشعبية على نفس النسبة في الفوز –تقريبًا- لمما يطعن في تجذر الثورة الشعبية، وضحالة وعيها، وسطحية أدائها، إلاّ إذا كان في الأمر لغز، نحن عاجزون على فكِّه.

3. إنّ إطالة الإعلان عن النتائج وزرع احتمال أحد المرشحين بنفس الحظ لمما يؤكد “الحقيقة المرّة” التي تتداولها النكتة المصرية، ومفادها أنّ كلّ البلد قد تمّ بيعه، ما عدا ميدان التحرير.

4. إنّ المخاض العسير في المصير الذي تشهده مصر، هو في الاختيار بين الشرعية الشعبية ممثلة في مرشح الإخوان المسلمين، والشرعية العسكرية التي بحث عنها مرشح النظام الحاكم.

وأيًّا كانت نتيجة الاختيار، فإنّ الشعب المصري الأصيل، قد قال كلمته في ميدان التحرير، وبكلّ أساليب المقاومة والتغيير، وتبقى الكلمة الأخيرة للتاريخ فهو الفيصل الحاسم في الحكم، وويح من يجرؤ على تزييف إرادة التاريخ، فسيكون ذلك بمثابة الإلقاء بتاريخ مصر إلى المزبلة، وإننا نشفق على مصر الأزهر والأهرام أن تسقط في هذا الفخ.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى