بيان للناس – الذكرى الستين للإستقلال
بيان للناس
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [سورة القصص- الآية5]
أخي المواطن! أختي المواطنة !
يا أبناء وبنات شعبنا الجزائري المسلم.
سلام عليكم، وأنتم تنعمون اليوم بنعمة الاستقلال، وتحيون الذكرى الستين لاستعادته، هذا الاستقلال الوطني الذي دفعنا الثمن غاليا في سبيله، فقدمنا القوافل من الشهداء والمجاهدين.
فلولا الجهاد بالكلمة والمداد للإعداد والاستعداد، ولولا الابتلاء وبذل الدماء، ما أمكن أن ننعم اليوم بهذا الاستقلال الغالي الذي رفعنا –بين الأمم- إلى سلم الأعالي والمعالي.
إننا نهنئكم، يا أبناء وبنات شعبنا المسلم، على تحقيق هذا الانتصار العظيم الذي نصر الله به قوى الحق على قوى الباطل، وقيم الإيمان على قيم الكفر.
قال الله تعالى:﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً﴾[سورة الأحزاب- الآية 25].
فاذكروا، يا أبناء وبنات شعبنا المسلم، أنّ الاستقلال الوطني، هو أمانة الإسلام في أعناقنا، وعهد الشهداء في ذمتنا والمطلوب منا هو أن نصون العهد، ونرعى الذمة.
إنّ من أسباب انتصارنا يا إخوتنا وحدة شعبنا التي بنيت على التمسك بالعقيدة والحفاظ على الهوية، والثبات على مبادئ أسلافنا المصلحين.
فاحتفالنا، اليوم بالذكرى الستين لاستعادة استقلالنا الوطني، ينبغي أن يكون حافزا لنا، بالدين والإيمان ثم بالوعي والسعي على استكمال بناء دولتنا، وذلك بالحفاظ على المكاسب، والعمل على تحقيق المزيد من المطالب.
كما نشيد بمواقف جيشنا الوطني الشعبي في سعيه الحثيث لصيانة وحدة ترابنا والدفاع عن ثوابت الأمة كوفاء وامتداد لمواقف وبطولات جيشنا الخالد جيش التحرير الوطني.
فلئن تحققت بعض المكاسب التي تصب في تعميق مقومات الأمة والعمل على استقلالنا الثقافي والاقتصادي، كعملية فكّ اندماجنا الثقافي، وانفتاحنا على العلم والعالم، باختيار الانجليزية كلغة تعليم، فإنّنا نتوق إلى إحلال الثقافة الإسلامية في منظومتنا التربوية المكانة اللائقة بها في البرامج التعليمية وفي كل المراحل التعليمية من الروضة إلى الجامعة، وإعطائها المعامل اللائق بها.
كما نسجّل بارتياح المسعى الوطني للمّ الشمل، كعامل أساسي لبناء الوحدة الوطنية، على أن يكون هناك انفتاح وعدم إقصاء، وإفساح المجال لكلّ الخيرين والشرفاء ليساهموا مساهمة فعالة في رفع شأن الجزائر وإحلالها مكانها الحقيقي اللائق بها.
وفي سياق هذه المناسبة العظيمة تُهيب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالقائمين على الشأن الوطني، أن يستعينوا بالكفاءات الوطنية، وتشجيع الشباب –ونحن في عيد الشباب- داخل الوطن وخارجه في إسناد المسؤوليات إليهم، كي يستفيد الوطن من خبراتهم وتجاربهم، وذلك باعتماد معايير علمية دقيقة لا مجال فيها للذاتية.
ونعلق في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أملا كبيرا على الدور المنوط بجامع الجزائر الأعظم كمنارة دينية وعلمية، لتجسيد وجه الجزائر الديني والحضاري، بتفعيل هيآته ومؤسساته على الوجه الديني/ العلمي المطلوب.
وفي ظل التحديات التي تحاصرنا من كلّ جانب، كالإستقواء بالأجانب، والدعوة إلى الانفصالية أو التطبيع مع الأعداء، فإن صمّام الأمان في مواجهة كلّ هذا إنما هو الانفتاح على كلّ الفاعلين في الساحة الوطنية، للمّ الشمل والتنسيق مع الخيرين، حتى من قد نختلف معهم في الجزئيات، لنحصّن الذات الوطنية على أساس الثوابت التي لا يختلف عليها اثنان.
كما نثمن عاليا، الدور الطلائعي الثابت للجزائر في مواقفها من الاحتلال في كل مكان، وخاصة من قضية فلسطين، انطلاقا من شعارنا المقدس: ” نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
فبهذا فقط نستطيع أن نصون الوحدة الوطنية من أي ضياع وأن نقوم بإعلاء البناء، فنحقق أمل الشهداء والعلماء، ونُخلّد اسم الجزائر بأحرف من ذهب، في صفحات المجد والسؤدد والعزة والمنعة.
وإذ نحتفل بالعيدين الوطني والأضحى فإننا ندعو الله أن يعيد العيدين علينا، وجزائرنا أقوى ما تكون، وشعبنا ينعم بالوحدة، والتنمية والاستقرار.
قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[سورة الأنفال، الآية 26].