من العجب أن الرئيس الفرنسي تفطن أخيرا إلى الحرْكى والقومية الذين خانوا وطنهم وانضموا إلى عدوّنا، الذي أمعن في قتل الجزائريين وتدمير حياتهم في تلك الحرب الوحشية التي شنها الجيش الفرنسي على الجزائر.
إن هذا التكريم المزيف، والإشادة بالحرْكى، القصد منه تشجيع هؤلاء الانفصاليين الذين يعيش قادتهم في فرنسا وتحت رعاية السلطة الفرنسية وتمويلها من أجل تمزيق وحدة الجزائر، باستعمال هؤلاء الذين باعوا أنفسهم، وأصبحوا أذيالا تابعين مثل العبيد لأسيادهم وأوامره وقيادته.
إن هؤلاء المجرمين الذين أحرقوا الغابات، وأحرقوا البشر، وذبحوا الشاب جمال بن إسماعيل ومثلوا به وأشعلوا في جسده النار، بعد أن قطعوا رأسه وفصلوه عن جسده وشارك في ذلك رجال ونساء، فقدوا دينهم وأخلاقهم بل إنسانيتهم فأصبحوا وحوشا في صورة أناسي، مُسخوا وسُلخوا من إنسانيتهم استجابة لأوامر تأتيهم من قادتهم الذين خسروا كل عاطفة لوحدة وطنهم.
يتنكرون لهذا الوطن ويقول سيدهم إنه ليس جزائريا من يكون إذن فما هي جغرافية وطنه هل هي جزيرة “واق واق” ؟
أَلَمْ يكف فرنسا ما قامت به من جرائم وتجارب نووية في الجزائر التي أحدثت أضرارا فادحة لحقت البشر، والأرض التي أصبحت عقيما لا تنبت شيئا، وما إلى ذلك من أشعة تورث مرض السرطان، وها هي اليوم توغل في تموين وتكريم من يخون وطنه ويكون عميلا لها وعبدا من عبيدها باع ضميره ووطنه بأبخس الأثمان.
نقول إن هذه الأوسمة والتكريم والإشادة بالعملاء صيحة في واد، ونفخة في رماد، يذهب ذلك كله سدى وفي أدراج الرياح.
إن الشعب الجزائري الذي حكمتموه أكثر من قرن وثلث، لم يخضع لكم، وواصل ثورته عليكم إلى أن تخلص منكم، وما يكون له أن يخضع لكم بعد ذلك كله إنه يأبى حكم الأجنبي والتبعية، وهو قد تعلّم في تاريخه معكم أن لا أمانة لكم تؤمن، ولا عهد لكم يحفظ، ولا قيم إنسانية لكم تراعى، تتربصون بهذا الوطن وتسلكون كل مسلك يضرّ به وباقتصاده ومجتمعه، ليكون سوقا لكم يستهلك بضائعكم ويستعمل شركاتكم لنهبه، وتدمير اقتصاده.
ولكن إن سمح لكم الوضع السابق بالهيمنة على مصائره ومنح بعض عملائكم كل فرصة لاستغلاله فإن الجزائر الجديدة كما أتصورها وآملها لن تسمح لكم بسيطرة شركاتكم ولغتكم وثقافتكم على هذا الوطن الذي يعتز بسيادته وثقافته ولغته ولن يقبل بديلا لها ولا ضرّة تضرّ به ولا تبعية لأي دولة.
ونقول لفرنسا وأوروبا كفاكم نهبا لإفريقيا وتبعية بعض قادتها لكم، وتدخل جيوشكم في شؤونها، والتحكم في ثرواتها ومصائرها، في مالي والنيجر، وتشاد، وليبيا، وغيرها.
آن لإفريقيا أن تتخلص من التبعية، وآن لها أن تتوقف عن الانقلابات العسكرية التي زالت من كل القارات لوعي شعوبها وبقيت إلى الآن في إفريقيا.
إن شعوب إفريقيا أخذت تعي ما يحدث في العالم وتدرك هذه التبعية، وتنكرها، ولا ترضى بها، وعلى هذه الجيوش أن تدرك أن هذه الانقلابات ضرر بشعوبها وتثبيت للتخلف، والفقر وانعدام التنمية، إن الحرية مفتاح التخلص من التبعية، ومن الفقر الثقافي، والفقر الاقتصادي والاجتماعي، فعلى الانقلابات العسكرية أن تزول من إفريقيا شمالها وجنوبها شرقها وغربها لتشفى من هذا الداء الوبيل، والوباء القاتل وباء الانقلابات العسكرية، ولله في خلقه شؤون.