مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

يا له من وفد تعزية ووحدة من منطقة أربعاء إراثن!!

كلمة حق / بقم: أ.د عمار طالبي

إنه وفد وافد، وجماعة من الحكماء والمصلحين، قادمة إلى جبال زكور إلى مليانة إلى قبيلة بني مناصر المشهورة بجهادها ومواجهتها لجيش الاحتلال، ومقاومتها الصلبة مع الأمير عبد القادر.

إنها زيارة ليست كالزيارات، ووفد ليس كبقية الوفود، وفدوا بقلوبهم قبل أبدانهم كما عبر أحد المتكلمين، فكان ذلك الوفد برهانا على وحدة هذه الأمة، وبراءة من كل هؤلاء الذين يحاولون المساس بقداستها، أو يوهنون من قوتها، أو يخدعون بعض شبابنا للتنكر لها، أو التبعية والذيولة لأعدائنا.

بالأمس القريب زار وفد من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هذه الجبال، وتشرف بلقاء العمّ نور الدين، الذي أضاء الله قلبه بالإيمان بوحدة شعبنا، فكان طودا شامخا لم تزلزله المصيبة التي أصابت ابنه وهي مصيبة بشعة فظيعة إجرامية ليس لها نظير، ولا وقع مثلها في بلادنا خلال تاريخها كله، فكان صابرا محتسبا، رغم ذلك نادى بالوحدة، وصرح بها وكظم غيضه، وكتم حزنه، ولم يضق صدره ضيقا يخرجه عن العقل والمنطق.

ثم رأينا هذا الوفد الذي جاء معزيا وأداء بإحسان، واتباعا بالمعروف ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾البقرة/178، عمنا نور الدين لم يطلب القصاص، ولا الانتقام، فكان مع الشرع الذي يميل إلى العفو بدل القصاص.

وهذا الوفد بمثابة العقيلة زارت أولياء الدم، ﴿وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا﴾الإسراء/33، فقد تنازل والد الشهيد عن سلطانه في المطالبة بالقصاص، فسلطانه، القضاء له، والحكم بالقصاص اليوم للقضاء إلا أن ينفذ القانون لما في ذلك من الحق العام، ولردع كل من تسول له نفسه أن يقوم بمثل هذا الإجرام الشنيع غاية الشناعة والفظاعة.

فإن الحكمة من التشريع الإسلامي إنما هي حفظ النفوس والدماء، وهذا من الكليات الشرعية ومقاصدها، فإن أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدماء.

ولذلك قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾البقرة/179.

إن هذا التلاحم، وهذا التوحيد بين عناصر الشعب الجزائري ومناطقه الجغرافية لا يتزعزع، فالتاريخ واحد على جغرافية واحدة راسخة رسوخا أبديا، مهما تنزل به من محن، وحوادث الدهر، ومصائب الزمن وصوارفه.

إننا نشكر هذا الوفد ونثني على توافده، وأدائه لهذه المنطقة الشمّاء الشامخة بتاريخها وجهادها، وما عمّنا نور الدين إلا نموذج لأبطال هذه الجبال، ورجاله العظام في التاريخ.

فلا مكان للانفصاليين في وطننا، وليس لهم إلا الخيبة والخسران المبين والخزي المهين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى