الذي يتابع ما يحدث في العالم الإسلامي لا يقف عند حرائق الغابات، واحتراق البشر بلهيبها ودخانها، وما ينتج عن ذلك من حرائق لثروة البلاد وخيراتها واقتصادها، وصفاء جوها، وطهارة بيئتها فحسب، وإنما الحرائق التي وراءها وهي حرائق ضمير هؤلاء الذين يعمدون إلى إلقاء شرارتها الأولى، ومعظم النار من مستصغر الشرر كما يقال.
قد تطرأ حرائق طبيعية، وفيضانات عارمة، وبراكين فنقول إن هذه خارجة عن سلوك الإنسان، ولكن نرى كثيرا من الكوارث، ودمار البيئة، وخراب الطبيعة، وتلوث الأجواء، والحروب، وقتل البشر من الأطفال الأبرياء والشيوخ العجز والنساء والرجال إنما سببها البشر، وهو مثير الشرور، وإيقاد حرائق الفتن، والغريب أن أغلب هذه الأنواع من الحرائق الدموية، وخرائب المدن، مسرحها البلاد العربية والإسلامية فهذه خرائب الغابات في الجزائر وما أتت عليه من الأشجار المثمرة وغير المثمرة وهي زينة الوطن وثروتها، وهذه ضحايا الحرقى والمجروحين، وهذه قرى تأتي على ديارها النار، إن وراءها في أغلب الأحوال بشر شرير، وعدو حقود، وضمائر خربة، لا تزرع إلا الشرور والفتن، وأصحاب مصالح مريبة، من دول، وطوائف، وسياسيون خونة لأوطانهم باعوا أنفسهم للأجنبي بثمن بخس، لخدمته وتنفيذ أوامره، وطاعته طاعة عمياء ذليلة بئيسة.
فهذه حرائق أفغانستان لم تخْبُ نيرانها منذ عشرين عاما، عذّبت الشعب الأفغاني ودمرت حياته، كما رأينا في شريط يمثل شهادة ضابط فلندي فيما أذكر يحكي أن جنود من كتيبة من جيش بلده يقتلون راعي الغنم، وكلابه، ويقتلون الفلاح في حقله، بل في منزله، وهو رافع يديه لا سلاح له، فهؤلاء وحوش وليسوا جنودا محاربين ومجرمون ليس لهم سلوك المحاربين، وتشترك في هذا الإجرام جيوش ستين دولة متحالفة على تدمير هذه البلاد، والآن يتفاوضون مع من يعتبرونه إرهابيا من طالبان، ولا نبرئ طالبان أيضا من جرائم قتل الأبرياء وتفجير البشر.
وهذه لبنان تحترق ولا أقصد حرائق الغابات وإنما حرائق يوقد نارها النخبة السياسية، ومصالحها الخاصة، وضيق أفق هؤلاء السياسيين ورئيسهم، وهذه تونس يلغى فيها كل ما يسمى بالسلطة والمؤسسات المدنية، وغيرها التي قامت منذ القرن التاسع عشر، فالشعب التونسي من أوائل الشعوب المقاومة للاستبداد، وما خير الدين عنا بغائب، والثعالبي وغيرهما.
ويبدو أن ملامح الرجوع إلى الحكم الفردي والاستبداد على قدم وساق في مساق الردة، ولا ننسى من هم وراء ذلك كله من دول عربية تريد دوام الاستبداد وتخشى أي ريح من رياح الديمقراطية والحرية في أي بلد عربي أو إسلامي، وهذه المرأة السعودية الرياضية التي فضحت شعبها الذي لا يرتضي سلوكها بأي حال، وهي تقع تحت أقدام امرأة صهيونية طريحة ذليلة، من أول لقاء، وهي متبرجة، فيا لها من فضيحة وسخرية!
وهذه جارتنا ليبيا أصابها ما أصابها من تفكك وإشعال الحرب، وهي حرائق لم تنطفئ إلى يومنا هذا كلما ظننا أنها خمدت اتّقدت، يوقد عميل من عملاء هذه الدول ذات المصالح يُزود بالمال والسلاح والمرتزقة من مختلف الأجناس، من الروس، والأفارقة، والآسيويين، فهذه النار المحترقة وراءها بشر لا هم له إلا مصالحه من دول وأحزاب، وعناصر قبلية لا تتقي الله في الوطن، ووحدة البلاد، وتمضي في غيّها وإمداد الحرائق بالوقود كلما خبت نار أوقدت أخرى.
أما سوريا فهي نكبة النكبات، وفاجعة الفجائع، وحريق الحرائق، شرد شعبها بأكمله، وهدمت دياره في مدنه وقراه، فهذه حلب أقدم مدينة في العالم ماذا بقي فيها؟ وفي غيرها إلا الخرائب وضحاياها تحت الردم، والهدم، والتفجير، والكيمياوي، وطائرات الروس التي ترمي بالبراميل المتفجرة، وهؤلاء الصهاينة يهددون إيران بالحرب، ويدعون العالم ليكون معهم ضد إيران، والصهاينة هم الذين اعتدوا عليها واغتالوا علماءها في وطنهم، وسمح لهم بعض الأعراب أن يلجوا الخليج لإيقاد الحرب فيه، والعالم لا يقول كلمة عن أسلحتها النووية وبرنامجها النووي، وأجهزتها التجسّسية، وهي الآن تهدد لبنان، وتنتهك حرمة أجواءه بطيرانها الحربي، إن الصهاينة هم سبب الشر والحرب في العالم.