مظاهرات ديسمبر انتصار لـ “الجزائر مسلمة” وانهزام لمشروع ديغول “الجزائر جزائرية”
الدكتور عبد الحميد دليوح
تحدث الدكتور عبد الحميد دليوح، أستاذ محاضر للتاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الجزائر 2، أن الضغط الدبلوماسي الكبير الذي كان يواجهه ديغول من قبل كل دول العالم من أجل القضية الجزائرية، بعد فشل مشروعه العسكري الذي كلف به صديقه الجنرال شال وفشل مشاريعه الاجتماعية كمشروع قسنطينة ومشروع سلم الشجعان، إضافة إلى ضغط الشارع الفرنسي الذي خرج رافعا شعارات رافضة بإرسال أبنائهم ليكونوا ضحايا للحرب في الجزائر، ناهيك عن الخسائر الكبيرة للأرواح وللاقتصاد، وأيضا بيان المثقفين الفرنسيين الذين دعوا إلى ضرورة حل الأزمة في الجزائر حماية لفرنسا وتضامنا مع الشعب الجزائري، وبعد تسجيل القضية الجزائرية في الكتلة الأفرواسيوية، كلها أدت بديغول إلى أن يسارع بزيارة الجزائر وذلك بمرافقة صحفيين لتضليل الرأي الدولي بمشهد دعائي، ليطرح مشروعه الجديد “الجزائر جزائرية” إذ أراد من خلاله أن يستهدف بإيعاز كل القوى السياسية الفرنسية آنذاك بحملة دعائية تنتهي باستفتاء حول تقرير المصير، وكل هذا حسب الدكتور من أجل إقناع المجتمع الدولي بأن ديغول يسير حول حلحلة الأمور في الجزائر، لينقلب عليه حتى المعمرون الذين رفضوا سياسته ورفعوا شعارات “الجزائر فرنسية” فتدخلت جبهة التحرير الوطني بشعارات “الجزائر مسلمة”.
كما أشار الدكتور عبد الحميد دليوح، إلى دور النساء البارز في مظاهرات ديسمبر 1960، إذ تصدرن الصفوف الأولى للمظاهرات، كما قضين ليال بيضاء من أجل خياطة الأعلام الوطنية، كما تحدث أيضا عن دور الأطفال مشيرا إلى الطفل الشهيد فريد مغراوي الذي حمل العلم الوطني، وحسب الدكتور أراد أحد الجنود الفرنسيين انتزاع العلم منه، وبكل جرأة أعاد إليه الطفل ليأخذ العلم بقوة منه ثم يفر، فسقط الطفل شهيدا بعدما أطلق الجندي الرصاص عليه.
وعن دور الإعلام ذكر الدكتور أن مظاهرات ديسمبر 1960 كانت أكثر الأحداث التي حضيت بتغطيات إعلامية وطنية ودولية وعالمية، مشيرا إلى الصحفي الأمريكي الذي قال عنها:” كل الشباب الجزائريون كانوا ناطقين باسم الثورة الجزائرية”، إضافة إلى تفاجئ العالم بالعلم الوطني الذي ظهر في كل الشوارع وعلى النوافذ بعد أن كان يظهر فقط في الجبال وحسب الدكتور “كان العلم الوطني سيد المعركة”، فكانت مظاهرات ديسمبر 1960 حسب الباحث في تاريخ الحديث والمعاصر انتصار مستحقا لجبهة التحرير الوطني إذ أن أغلب المشاركون في دول الأفرواسيوية أجمعوا بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير.
الدكتور عبد القادر عزام عوادي مظاهرات ديسمبر 1960 أثبتت للعالم أن جبهة التحرير الوطني هي الممثل الوحيد للشعب الجزائري
ذكر الدكتور عبد القادر عزام عوادي، أستاذ بجامعة الوادي،أن مظاهرات ديسمبر 1960 جاءت مع عودة الجنرال ديغول إلى الحكم سنة 1958، هذا الأخير الذي قام بسياسات كانت هدفها تفريق الشعب الجزائري واستبعاده عن جبهة التحرير الوطني وعن جيش التحرير الوطني، مضيفا أن مظاهرات ديسمبر 1960 كانت تعبيرا واضحا للسلطات الاستعمارية أن الشعب الجزائري يناضل من أجل الحرية والاستقلال تحت لواء جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني.
وأشار الدكتور إلى أن الشرارة الأولى لمظاهرات ديسمبر 1960 قد انطلقت يوم 09 ديسمبر منذ زيارة ديغول إلى بعض مناطق الغرب الجزائر بدء بعين تموشنت، حيث عارض الجزائريون وحتى المعمرون والمستوطنون سياسته “الجزائر الجزائرية” التي كان يقصد بها حسب المتحدث: الجزائر للمعمرين والمستوطنين وللحركى والخونة، ليخرج المعمرون بشعارات “الجزائر فرنسية” مما أدى إلى اشتباكات بين الجزائريين والمستوطنون والفرنسيون، ليكون الرد العسكري الفرنسي عنيفا ضد الجزائريين ليسقطوا شهداء في وهران وفي العاصمة وغيرها من المدن.
وفي نفس السياق يضيف الدكتور عبد القادر عزام عوادي، أن يوم 11 ديسمبر هي المظاهرات التي خرجت بأمر من جبهة التحرير الوطني، منظمة في مختلف الولايات ومؤطرة من طرف قاداتها، ويضيف الباحث في تاريخ الجزائر أن بعد أحداث ديسمبر 1960 أدرك المستعمر الفرنسي بأن جبهة التحرير الوطني هي المسير الوحيد للشعب الجزائري، مما أدى ببعض الشخصيات السويسرية أن تتدخل كوسيط، وحسب المتحدث اتصلوا بالمناضل الطيب بولحروف موفد جبهة التحرير الوطني في روما، ليتصل هو بدوره بقيادة جبهة التحرير الوطني، فتعاد القضية الجزائرية إلى طاولة المفاوضات بين جبهة التحرير الوطني وبين فرنسا.
كما تحدث الدكتور عبد القادر عزام عوادي عن الندورة الصحفية التي قام بها رئيس الحكومة المؤقتة فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960، حيث تحدث عن المظاهرات ومساراتها، كما أمر الشعب الجزائري من خلال هذه الندوة الصحفية بإيقاف وإنهاء المظاهرات، ليتيقن بعد ذلك المستعمر الفرنسي والإعلام الغربي العالمي الذي لعب دورا هاما في نقل أحداث المظاهرات وإيصال للعالم أن جبهة التحرير الوطني هي المسير للشارع الجزائري الممثل الوحيد للشعب الجزائري.