مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

المسجدُ العتيقُ بالبويرة يَذرِف الدُّموع!

بقلم الدكتور محمد بوركاب

أَقدمُ مسجد بالبويرة، مسجدُ الشيخ عبد الحميد ابن باديس الذي بُني قُبيل اندلاع ثورة التحريرالمباركة، وقد كان له الفضل الكبير في دعمها وتمويلها بالرجال والمال والأخبار، وكان له أيضا الفضلُ الكبير في الحفاظ على هوية الشعب الجزائري وثوابته قبل الاستقلال وبعده، بفضل القائمين عليه وفي مقدمتهم شيخنا إمامُ المسجد العالمُ الجليل اسماعيل جوامع -رحمه الله- الذي تتلمذ على يد علامة الجزائر الإمامِ ابن عبد الحميد ابن باديس رحمه الله.

وقد ظل ذلك المسجدُ منارة للعبادة والقرآن والعلم وإصلاح ذات البين وقضاء الحوائج إلى أن ابتُلِينا بهذا الوباء -رفعه الله علينا – فأغلقُ كباقي المساجد!

ولئن ظُلِمت المساجدُ مرة على الأقل! فإنّ هذا المسجدَ العتيقَ ظُلِم ثلاثَ مرات؟!

1 – ظُلم عندما فُتحت المساجد لأول مرة ولم يُفتح رغم أنه كبيرٌ وله أربعةُ مداخل وفيه ساحة كبيرة تحيط به فضاءات واسعة؟! في الوقت الذي فُتِح فيه ما هو أصغر منه كمسجد حمزة بحيّ الثورة؟!

وأذكر يومها أنني استخدمت علاقاتي الخاصة لإعادة فتحه ووعدوني خيرا ولكن لم يتحقق ذلك؟!

2 – وظُلم في المرة الثانية عندما فُتحت المساجد لصلاة الجمعة ولم يُفتح رغم أنه أَولى المساجد شرعا بأن تقام فيه الجمعة، لأنّ الأصل في صلاة الجمعة أن لا تتعدد إلاّ إذا ضاق المسجدُ العتيق وتعذر توسيعه، عندها تقام في غيره لأنّ المقصد منها اجتماع الكلمة ووحدة الصفّ؟!

3 – وظُلم في المرة الثالثة في القرار الأخير الذي يقضي بفتح المساجد التي تتسع لخمسمائة شخص حيث فُتحت أكثر مساجد البويرة -بما فيها المساجد الصغيرة – إلا المسجد العتيق الكبير مسجدُ الشيخ ابن باديس؟! وهو ما آلمنا كثيرا، وآلم المسجدَ في حدِّ ذاته فتفجرت قُبَّتُه القديمةُ عُيونا عند تهاطل الأمطار والتي لم يَقطر سقفها قطُّ منذ أن بني المسجد؟!

وإنه والله لبكاءُ ألم من شدة الظلم الذي وقع عليه، وإنه والله لبكاءُ شكوى إلى الله مِن ظُلم العباد، وإنه والله لبكاءُ لوعة وشوق لعُمّاره الصالحين من الشيوخ والنساء والشباب الذين أحبهم وأحبوه وتعلقت قلوبهم به (ورجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد) كما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم – .

فيا أهلَ البويرة ووجهاءها ومسؤوليها:

1 – اتقوا اللهَ في المسجد العتيق الذي له الفضل الكبير علينا جميعا، إذ لولاه ما بقي دينٌ ولاقرآنٌ ولا قِيمٌ في مدينتنا! وسارعوا إلى إعادة فتحه لنُصلي فيه الجمعةَ هذا الأسبوع بإذن الله وأجركم على الله تعالى.

 2 – توبوا إلى الله جميعا مِن الظُّلم الذي وقع عليه وامسحوا دموعَه بتعظيمه وإصلاحه وتعميره بالخير قبل أن تصيبكم دعوة شكواه لأن دعوة المظلوم لا تُرد؟!

3 – ما قيل في هذا المسجد يقال في باقي المساجد التي لم تفتح بعد والمدارس القرآنية والزوايا التي لا تزال مغلقة مع كل أسف وحسرة؟!

فلنتق الله فيها ولنسارع إلى فتحها، فإنه لم يَعد لدينا أيّ مُبرر شرعيّ ولا طبيّ للإبقاء عليها مُغلقة بعد أن فُتِحت جميع المدارس والروضات والمؤسسات!!!

ولنعلم جميعا أنّ الله لاتخفى عليه خافية، وأننا بين يديه موقوفون فمُحاسَبُون《واتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمّ تُوَفّى كُلُّ نَفسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظلَمُونَ》(البقرة 280)

وقد يُعجِّل اللهُ العقوبةَ في الدنيا قبل الآخرة لمن كان سببا في استمرار غلقها، فلنحذر غضبَ الله وانتقامه لبيوته وتعليم قرآنه، فإنّه إذا جاء لا يُرَدُّ!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى