مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
كلمة الرئيس

كشف المستور عن خفايا الدستور

بقلم الدكتور عبدالرزاق قسوم

في زمن اشتدت فيه العواطف وتلاطمت الأمواج على سفينة الجزائر تأتيها من كل جانب.

وبينما الجزائر تواجه مختلف التيارات، تهب عليها رياح سموم، حاملة الأفاعي والعقارب من الأباعد والأقارب.

في هذا الزمن العصيب بالذات يتطلع الجزائريون، إلى نسيم ينعش الأرواح ويزيل ما بهم من الأتراح نسيم يشحذ الإرادة، ويصلح القيادة، ويكمل ما نقص من العبادة.

يتوق الجميع إلى سفينة تتغلب على الرياح وتعمق معنى التغيير والإصلاح فتعد لهم أصلح ما يمكن من دستور وتَعبُر بهم إلى شاطئ الأمن والاستقرار المعمور.

هذه هي طموحات شعبنا، وتوقانه، نحو وضع دستور مضاد للنوازل وحام من الزلازل يحمي الوطن ولا يبدده ويصون الاستقلال ولا يهدده ويوحد الوطن ولا يعدده.

وتفاءلنا خيرا، بوجود مسودة للدستور تعرض على شعبنا للاستفتاء وتكرس لديه معاني الوطنية والإخاء وقيم الكرامة والإباء.

وفوجئنا كما فوجئ كل الطيبين بنسخة الدستور المعدل في صيغته النهائية، فلم نجد أثرا لأي مقترح من مقترحاتنا نحن، كجمعية العلماء مثلا.

وإبراء منا للذمة أمام الله وأمام الآمة سوف يجتمع في الأيام القليلة القادمة، مكتب الجمعية، وهو أعلى سلطة ليقدم نتائج القراءة الأخيرة للدستور ويحسم بحزم في الشائك من قضايا الأمور لكن في انتظار ذلك سأحاول في هذه الافتتاحية تسليط الضوء على بعض ما تراءى لي من القضايا لكشف المستور عما بدا لي من خفايا الدستور.

من الناحية الإجرائية مثلا، اقترحت جمعية العلماء استبدال لجنة صياغة الدستور بلجنة صياغة جديدة، تسند إليها مهمة النظر في اقتراحات الهيآت الفاعلة في الساحة الوطنية، لإدخال ما هو صالح من الاقتراحات، وما يمثل إضافة جديدة للنصر الأصلي.

وقد علمتنا المنهجية العلمية، أن قضايا المصير لا يبت فيها شخص واحد أو تيار واحد، وإنما يجب اسناد أمرها إلى لجنة فسيفسائية القناعات وطنية الالتزام من حيث الحسم في الامور ذات الحساسيات.

وما رأينا، من حيث الإجراء هو أن نفس اللجنة التي صاغت المشروع هي نفسها التي أشرفت على تصحيح المسطور، وعلى حد قول أبي الطيب المتنبي:

فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

 وهذا أنا ذا أقدم من حيث المضمون، بعض عينات مما اقترحته جمعية العلماء وكإضافة على الصياغة الأولى ولكن لم يؤخذ بأنه ملاحظة مما قدمنا، وها هي العينات:

1- المادة الأولى الجزائر…..ومرجعيتها بيان أول نوفمبر 1954.

2- المادة الثانية: الإسلام دين الدولة.

– مقترح الجمعية: وهو مصدر التشريع الإسلامي وتعمل الدولة على نشره وحمايته.

وفي يمين القسم الدستوري: اقترحنا أحمي الدين الإسلامي، بدل أحترم (المادة94).

3- المادة الثالثة: اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية أضفنا: للدولة وتظل كذلك.

4- المادة الرابعة:

– تمازيغت: أضفنا: لغة وطنية محلية ومتنوعة.

– يحدث مجلس أعلى لتمازيغت لدى رئيس الجمهورية.

– تسند للمجلس مهمة ترقية تمازيغت وتوحيد لهجاتها، وكتابتها بالحرف العربي.

– يُسن قانون يحدد كيفية تطبيق هذه المادة.

5- المادة الخامسة: عاصمة الجزائر مدينة الجزائر.

أضفنا: يمكن إنشاء عاصمة اقتصادية للبلد.

6- المادة التاسعة من الفصل الثاني:

غاية المؤسسات التي ينتخبها الشعب هي:

– المحافظة على السيادة والاستقلال وتعزيزهما.

– المحافظة على الهوية والوحدة الوطنيتين وتعزيزهما.

– حماية حرية المواطن.

العمل لازدهار المواطن علميا، واجتماعيا وثقافيا وفقا لقيم الأمة.

– تعزيز العدالة الاجتماعية في سائر أنحاء الوطن.

7- المادة 42: حرية المعتقد.

– وحرية الرأي ينظمهما القانون في ظل المادة الثانية من الدستور وقيم المجتمع.

– تقام شعائر الدين الإسلامي بحرية مع احترام أي معتقد آخر لا يمس بقيم المجتمع الجزائري.

– ممارسة العبادات يضمنها القانون.

– الدولة تحمي أماكن العبادة وتضمن حيادها الحزبي.

8- المادة 48: حرية التعبير عن الرأي يضمنها القانون في حدود احترام آراء الآخرين وأن لا يمس ذلك بالقيم المجتمعية.

9- المادة 65: الحق في التربية والتعليم.

– تضمن الدولة الحق في التربية والتعليم وفقا للبعد الحضاري الإسلامي وأعراف الأمة الجزائرية.

– تسهر الدولة باستمرار على تحسين جودتهما.

– تسهر الدولة على ضمان الحياد الحزبي للمؤسسات التربوية العمومية والخاصة.

– تسهر الدولة على توافق برامج المؤسسات التربوية مع ثوابت الأمة وقيمها في المحافظة على طابعها البيداغوجي والعلمي.

– تضمن الدولة التأهيل والتكوين المهني وفق الحاجيات الناتجة عن التغيير المستمر للمجتمع.

هذا وبالإضافة إلى هذه التعديلات التي اقتصرت فيها على ما هو ألصق بطبيعة جمعية العلماء، هناك مقترح إضافة مجالس عليا، لم يتطرق إليها النص الأصلي مثل المجلس الأعلى للفقه الإسلامي والإفتاء والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الأعلى للتعليم، الخ.

ويشير إلى أن هذه المقترحات لم يؤخذ منها أي مقترح، ولا ندري ما جدوى تجاهل مثل هذه المقترحات، وكيف يمكن الطعن في مثل هذه الإضافات الهامة.

وعلى أية حال، سيتطرق المكتب الوطني للجمعية، إلى كل هذه السلبيات من وجهة نظرنا، وسنفصل القول فيها، في بيان المكتب الوطني للجمعية، إجابة للمتسائلين من شعبنا، وما أكثرهم، الذين يلحون علينا في تبيان موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من الدستور.

إننا لا نبغي من وراء هذه القضايا إلا خدمة وطننا وإرضاء الله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى