للعلم فإنّ الجزائر البلد السني الوحيد الذي جعل يوم عاشوراء عطلة رسمية (طبقا لأحكام القانون رقم 63-278 المؤرخ في 26 يوليو 1963 المعدل والمتمم المتضمن قائمة الاعياد القانونية).
قيل جعل ذلك ليتذكر الناس زكاة أموالهم ويسهل عليهم إخراجها، وفرصة للتوسعة على الأهل والمحتاجين.
والحق أنه ليس هناك زكاة ليوم عاشوراء، وإنمّا تجب الزكاة في الذهب والفضة والنقود وعروض التجارة، إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول من تاريخ بلوغ النصاب.
أما أحاديث التوسعة على العيال في هذا اليوم كلها غير صحيحة، فلا يجوز الاحتجاج بذلك على شرعية التوسعة على العيال؛ لأنّ الحجة في الكتاب والسنة لا في عمل التابعين ومن بعدهم.
ثمّ لا ننسى أن يوم عاشوراء يوم انتصار الحق على الباطل، والخير على الشر، والإيمان على الكفر، ففيه غرق قائلُ: «أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى» وفيه انتصر ﴿الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وفيه تبدلت الأحوال ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنّٰتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فٰكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنٰهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الدخان/25-28]، فصامه موسى عليه السلام وقومه شكرا لله و صامه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم – وأمر بصيامه بداية، إلاّ أن قوماً استبدلوا هذا المعنى إلى احتفال وتجمعات منكرة.
وهذا الشيخ محمد البشير الابراهيمي عليه -رحمة الله عليه- في كلمته التي نُشرت قبل 70 عاماً، وحملت عنوان: “كلمة في الاحتفالات” وهي منشورة في الجزء الأول من آثار الشيخ البشير الإبراهيمي، (ص 234، ط1، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع)، فقال: “ذلك النوع الشائع في الأوساط الشيعية من احتفالهم يوم عاشوراء بذكرى مقتل الحسين -عليه السلام – فإنه -فضلا عما يقع فيه من المنكرات المخجلة – لا يثير إلا الحفائظ والإحن ولا يثمر إلاّ توسيع شقة الخلاف”، ثم يضيف: “لا نرضى للمسلمين بهذا الطراز البالي من الاحتفالات التي ذكرنا بعض أنواعها، فقد عكفوا عليها قرونا فما زادتهم إلا خبالا وانحطاطا، وإنمّا نريد منهم محوها واستبدالها بما هو خير”.
وقال ابن تيمية رحمه الله :صار الشيطان بسبب قتل الحسين -رضي الله عنه – (10 محرم61 هجري/10 اكتوبر680م) يحدث للنّاس بدعتين:
بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثى وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب حتى يسب السابقون الأولون وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين .
بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله.
وكذلك بدعة السرور والفرح وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين وكان رأسهم المختار بن أبي عبيد الكذاب وقوم من الناصبة المبغضين لعلي رضي الله عنه وأولاده ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي”.(منهاج السنة النبوية ج4/554).
وحتى يتسنى للأمة تأدية هذا الركن بشروطه وضوابطه ينبغي احياء مؤسسة الزكاة بديوانها والعاملين عليها(الجباة) مما ييسر على النّاس إخراجها وصرفها إلى مستحقيها في أجلها، وحسب الخبراء أن مبلغ الزكاة الاجمالي في بلدنا يفوق 756 مليار دينار (4.5 مليار $)، فهل تجد بعد ذلك محتاج أو فقير؟.