بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للأمة
بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للأمة
قال تعالى: ﴿هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ، وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[آل عمران/138-139].
اجتمع المكتب الوطني الموسع إلى لجنة الخبراء التي عينتها الجمعية، لدراسة وثيقة مسودة الدستور، وذلك يومي السبت والأحد 20 و21جوان 2020 الموافق ل 28 و29 شوال 1441هـ بنادي الترقي بالعاصمة، من أجل البت في الصياغة النهائية المقترحة لمسودة الدستور، وبعد مناقشة مستفيضة لما أعدته لجنة الخبراء وانطلاقا مما اقترحته الهياكل المحلية، صادق المكتب الوطني الموسع على الصياغة النهائية لرأي جمعية العلماء، وإذ تنهي جمعية العلماء عملها المتعلق بالوثيقة الدستورية فإنها تسجل ما يلي:
- إن جمعية العلماء تتوق إلى دستور جامع، منسجم مع عقيدة الأمة، وقيمها، وتاريخها، دستور قوي في نصوصه، واضح لا يكتنفه أي غموض، ولا يحتمل التأويلات.
- تَعتَبر الجمعية الدستور عقدا اجتماعيا مهما جدا، يجب أن يعبّر عن تطلعات الأمة، وانتمائها الحضاري، وطموحاتها الوحدوية المغاربية، والعربية الإسلامية.
- تؤكد الجمعية على أن هوية الأمة بمكوناتها المختلفة وثوابتها خط أحمر، لا يجوز لأي كان تجاوزه، وقد عبّرت الأمة عن تمسكها بها من خلال الحراك الشعبي السلمي الحضاري، واستنكارها القوي للتصريحات الاستفزازية التي صدرت من البعض مؤخرا.
- تدعوا جمعية العلماء إلى التكريس الفعلي لقيم ثورة التحرير المجيدة، والتي عبّر عنها بيان أول نوفمبر التاريخي.
- تهيب جمعية العلماء بالقائمين على شؤون البلد بضرورة فتح المجال لكل طاقات الأمة، كي يساهموا في بناء الوطن، والكف عن رسكلة الشخصيات، والهيئات، لاسيما أن بعضها كان جزءا من المنظومة التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية.
- تهيب الجمعية بكل أبناء الأمة الجزائرية أن يقفوا سدا منيعا، في وجه كل محاولة تهدف إلى زرع الفتنة بين الجزائريين، وكل محاولة للمس بوحدتنا الترابية وبلحمة هذا الشعب، الذي صهرته المحن والتاريخ في بوتقة واحدة، فصرنا نسيجا وجسدا واحدا، “فما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان”.
- إن الشعب الجزائري، الذي طالما ضحى، ولا يزال يضحي، يتطلع اليوم إلى تحقيق مشروع مجتمع يفضي إلى جزائر أصيلة، وطنية، منسجمة ومتلاحمة، جزائر ذات استقلال كامل غير منقوص، يسودها العدل والازدهار والتقدم.
- تهيب الجمعية بالقائمين على الشأن الوطني إلى المبادرة إلى ارسال اشارات ايجابية واضحة، تعيد للشعب ثقته بقيادته، وتفتح بابا للصلح والتعاون فيما يُصلح أمر البلاد، والتي بدونها سيبقى الشك والتوجس هو سيد الموقف، ولعل إعادة النظر في تشكيل لجنة صياغة الدستور واحدة من هذه الاشارات.
- تغتنم جمعية العلماء، الفرصة للدعوة إلى مراجعة المناهج التربوية، وتدعوا إلى ضرورة أن تكون منظومتنا التربوية وفيّة لثقافة الأمة وتاريخها، بقدر ما تكون منفتحة على علوم العصر، ومستفيدة من كل تجربة ناجحة، استفادة واعية، منظومة تربوية، إسلامية الروح، عربية اللسان، جزائرية الانتماء، إنسانية النزعة.
- وأمام هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي زادت من حدتها أزمة فيروس كورونا، تدعوا الجمعية كل الخيرين إلى مزيد من التضامن الوطني، وتكثيف الاهتمام بالفئات الهشة في المجتمع.
وأخيرا وليس آخرا، وفي ظل هذه الظروف الدولية التي نعيشها والمخاطر الخارجية التي تتهدد بلدنا، تهيب الجمعية بكل الجزائريين والجزائريات إلى أن يترفعوا عن خلافاتهم، ويجعلوا أمن الوطن ووحدته واستقراره فوق كل اعتبار.
وإذ تهتم الجمعية بالشأن الوطني الداخلي، لا ينسيها هذا أن تؤكد على تضامنها ووقوفها مع القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين وعاصمتها القدس، وغيرها، كما تعبّر عن انشغالها العميق بما يجري على أرض الشقيقة ليبيا، وتأمل الاحتكام سريعا إلى صوت العقل من أجل حقن الدماء، وعودة الاستقرار إلى هذا البلد الجار والشقيق.
هذا، وتحرص الجمعية دائما على أن تبقى القلب النابض المعبّر عن ضمير الأمة والمجتمع.
حفظ الله بلدنا من كل سوء، ووفقنا جميعا لنكون سواعد خير، تبني مستقبلا زاهرا لأبنائنا في وطن يسوده العدل والاستقرار والتقدم.
قال تعالى: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾[هود/88].