علمتني التجارب(2) المحامي الفاشل؟؟؟!!! بقلم حليم قابة
علمتني التجارب أن الأمة بحاجة ماسة إلى مفكرين حكماء ، كما أنها لا يمكن أن يصلح حالها دون حكام أتقياء، ودون علماء أصفياء ، تماما كما لا تمكن الحياة دون ماء .
إلا أن الحاجة للعالم المفكر والمبدع ملحّة كل الإلحاح ، وهي أَوْكَد من غيرها دون ريب ، ذلك أن المفكر الراشد هو الذي يُعمل عقله في التراث والجديد ليأخذ منهما ما صفا ويدع ما كدر ، مستعينا – بعد الله – بموازين سليمة ، ومحاكمات حكيمة، استفادها من العلم النافع الذي حصّله ، ومن مسلك التفكير والتأمل والمقارنة الذي سلكه ، وقبل ذلك وبعده من التوفيق الرباني الذي حالفه .
ثم هو – حينها – يُشعّ على البشرية بأنوار أفكاره المباركة ، وينير للناس دروبهم ليسلكوها – بوعي وهداية – فيصلوا إلى الغايات سالمين ، ويبلغوا نهاية مسار مشقة السير غانمين .
ثم هو – كذلك – يصارع الباطل والمبطلين، وينشغل بالغاية التي من أجلها نزل القرآن، غير غافل عن أنّ أهمّ موضوعات القرآن وخلاصة مهمة الأنبياء هي الصراع بين الحق والباطل، ونصرة الحق المبين، وهداية الناس إلى طريق الله المستقيم .
أقول هذا بعد اختبار لأحوال أهل القلم واللسان في بلدان المسلمين – معاينة ومعايشة ، أو سماعا ومشاهدة – أدت إلى يقين بان أنفع طلاب العلم للأمة هو من كان عنده بالفكر النافع انشغال ، ومن دخل مع العَلمانيين ومن كان على نهجهم في سجال ، وكان في الوقت نفسه من أهل العلم والتحقيق ، ومن أهل التقوى والصلاح . وأن من قصر اهتمامه على جزئيات فقهية فقط ، أوإشكالات كلامية فقط ، لا يعم نفعه ، ولا يستطيع نصرة الحق الذي معه ، بل كثيراً ما رأينا من أمثاله في مواطن الصراع من يصدق عليه قول ذلك الحكيم : “الإسلام قضية عادلة، محاميها فاشل” .
أقول هذا وأنا لست غافلا عن أن الله قسم المِنن على عباده كما قسم الأرزاق، ولا اعتراض على من عرف قدر نفسه وانشغل بما يُحسن وإن كان أمرا صغيرا، ولكني أردت تنبيه المؤهلين إلى أفضل الانشغالات، وأنفع الكتابات، من باب :
ولم أرَ فى عيوب الناس شيئًا * كنقص القادرين على التَّمامِ
ومن باب : قد رشحوك لأمر لو فطنت له * فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
هدانا الله لأحسن الأعمال والانشغالات، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو. آآآمييين