علمتني التجارب (1) /د.عبد الحليم قابة
سابدا اليوم – بتوفيق الله – في نشر ما نشرته سابقا في جريدة البصائرثم في كتيّبات طبعت ونفدت.
وأعتذرلكم عن التقصير في نشر الجديد ؛ لأني مشغول هذا الموسم بواجبات وأولويات حبستني عن التفرغ للمزيد، فقلت: ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، ولكي لا أنقطع عن الإفادة والاستفادة من هذا الفضاء المهم والخطير آثرت أن أنشر- كلّ أسبوع مرتين غالبا – تجاربي وأفكاري ونصائحي التي نُشر بعضها سابقا ، لعل النفع بها يعمّ والأجر بها يزيد، والله الموفق وهو يهدي السبيل.
_____________________________________________
أعلى الشهادات؟؟؟!!!
_____________
علمتني التجارب بأن أعلى الشهادات و أرقى المكرمات التي يكرم بها المرء أو ينبغي أن يحرص عليها – قبل غيرها – ويسعى لها ، هي شهادة حسن الخلق و طيب المعشر ، فهي ـ و الله ـ أعلى الشهادات و أغلى الإجازات و هي ـ و الذي فلق الحبّ والنوى ـ أفضل ما يتصف به النبلاء و يُمدح به العقلاء ، و يَزدان به العلماء.
و بيان ما أقول نصوص من المنقول و إرشاد من المعقول و تجارب تؤكد ما أقول .
أما المنقول؛ فحسبي شهادة الرحمن لسيد ولد عدنان فيما نزل عليه من قرآن بقوله سبحانه ” و إنك لعلى خلق عظيم ” و كذا حديث ” ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخُلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ” (الترمذي2003).
و أما المعقول؛ فقد تواردت أحكام العقلاء على التقديم والتشريف بحسن المعاملة ولطيف المعاشرة و كريم الأخلاق أكثر من الشهادات ومقادير المعارف التي تُحشى بها العقول .
أما التجارب؛ فلقد عشت مع بعض أصحاب شهادات عليا و مناصب عليّة ليس فوقها ما هو أعلى منها في واقعنا المعيش ، و لكنهم مرغوب عنهم ومزهود في معاشرتهم لحرمان أنفسهم من تحصيل شهادة في حسن الخلق ، و شهدنا – في المقابل – من هم في أعلى مقامات التبجيل و الاحترام بسبب واحد وهو حسن الخلق.
فقلت – بعد ذلك و قبله – ما أعلى هذه الشهادة ، وما أيسر الحصول عليها لمن أرادها ، و لكن ما أكثر الزهاد فيها ، اللاهثين وراء غيرها .