تِبْيَانٌ لِكُلِّ النَّاس… أ.د عبد الرّزاق قسوم
افتتاحية مجلّة التّبيان
عندما تُلامِس أوراقُ “مجلّة التّبيان” الصقيلة أصابع القارئ العزيز، ستحدُث لديه قشعريرة هي قشعريرة الرّضا، وتعرُوه هزّة هي هزّةُ المشتاق.
فلقد انتظر القارئ العزيز، ميلاد هذه المجلّة التي طالما بشّرنا بها في المحافل، وأعلنا عنها في كلّ المناسبات. لذلك فهي إذْ تُولدُ اليوم، فإنّما تُولدُ معها آمال كبيرة تحفّها، ومطامح كثيرة يُعلّقها عليها كلّ النّاس، لأنّنا نريدُها أن تكون تبيانًا لكلّ النّاس.
إنّ العدد الأوّل من كلّ مجلّة، هو كالكتابِ الأوّل، وكالمولودِ الأوّل، يجبُ أن يُعلن عن سِحنتهِ وشُحنته المنتجون له، والمبدِعون لشكله، وأدائه، ومضمونه.
إنّ مجلّة “التّبيان” هذه، التي تُولد اليوم في زخمِ الحراك الثقافي، والصّراع الفكري، وأكادُ أقول الصّدام الإديولوجي، لتستهّل صارخةً بمبادئ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومبشّرة بثوابتها، التي ستبدّد بها ظلمة اللّيل الحالك، الذي يطبعُ سماءَ أمّتنا، بإشعالِ شمعةٍ أو شموعٍ بدلَ لعنِ الظّلام.
لذلك فإنّ هذه المجلّة الثقافية، المتنوّعة في مواضيعها، وفي أقلامِها، كما سيتراءَى للقارئ العزيز، ستكونُ تبيانًا لكلّ النّاسِ، منهم من يؤمِنُ بخطِّها الافتتاحي، فينخرطُ في مسيرتها، ويُباركُ سيرتَها، ومنهم من لا يُقاسمُها الولاءَ، وقد يُناصِبها العِداءَ، فندعوهُ إلى الحوارِ مع فِكرِها، وتلك هي سِمة التسّامح، والتحضّر التي تتميّزُ بها جمعية العلماء، وتُترجِمها مجلّة التّبيان في أدائها وتعامُلها.
تستّمدّ المجلّة، إذن، تعاليمَها من القرآن الذي هو دعامةُ ثوابتنا، وتستوحِي ترانيمها، من الإنسان، الذي هو رأسمال قضيّتنا.
وليسَ كالقرآنِ والإنسانِ ضامنًا لأيّ مشروع حضاري، ثقافي يُرادُ له النّجاحُ، والصّلاحُ والفلاح، فالعدَد الأوّل بمواضيعه طافِحٌ بقضايا الإنسانِ من منظور جمعية العلماء الإصلاحِي الحضاري.
فبالإضافة إلى مسارِ ومسيرةِ جمعية العلماء، مشاريعها، وأصولِ دعوتها، ورواد نهضتها، إلى أدبياتها وجرائدها، ومواقفها من القضايا المصيرية كلّها، ستتناوَلُها أقلامٌ راسخةٌ في عالمِ الفِكر والثقافة، الملتزِمة بقضايا الأمّة، المتفانِية من أجل فتح القلوب والعقولِ بالفِكر الإسلامِي الإصلاحِي الوسطي المعتدِل، المنفتِح على فكرٍ إنساني سليم، وعملٍ إسلامي قويم.
هذا إضافة إلى شخصية العدد، وملّف الدّراسات، وما يتضمنّه من قضايا، تضرِب بعمقٍ في واقعِ أمّتنا.
وما كان لهذا الانجازِ أن يتحقّق لولا إراداتٌ سُّخِرَت، وعزائمٌ شُحِذَت، وطاقاتٌ جُنِّدت، وقد سجّل التّاريخ في صحائفه جميلَ ذِكرِها.
فإلى المثقّفين، والمتعلِّمين، وكلّ الأقلامِ الموهوبة نهيب بها أن تهّب لاحتضانِ هذا المولودِ الفتيّ الذي يبزُغ كالهِلالِ في سمائنا، عسى أن يكون –يومًا ما- بفضلِ تعاونِ الجميعِ بدرًا كاملاً.
وَإِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْهِلاَلِ نُمَوَّهُ أَيْقَنْتَ أَنْ سَيَصِيرُ بَدْرًا كَامِلاً