منظومتنا التربوية …مساهمة مسؤولة* نريد أن يكون القادم أفضل 1/2- بقلم حسن خليفة
لو اهتمّت الوزارة الوصية بمجموع ما كُتب حول إصلاح المنظومة التربوية الوطنية ،وهو كثير متنوع ، قدّمهُ خُبراء وأساتذة ومفتشون وأكاديميون وأهل خبرة، ولو صفَت النيّات وكانت المصلحة العليا للوطن هي القاعدة والمعيار، وكان الاعتبار الأول لمستقبل الوطن، لكانت منظومتنا التربوية/ التعليمية في أفق آخر تماما، أفق النضج الذي ينتج “ثمرات” طيبات، وأجيالا من المتعلمين والمتعلّمات(تلاميذ وتلميذات) من طراز متفوّق متيمز،وليس ذلك من قبيل المعجزة، فإن أجيالا عديدة من أبناء وبنات المدرسة الجزائرية على مدار أكثر من ثلاثين عاما، كانوا ـ جميعا ـ في مدارج التفوق والامتياز، وهم اليوم ممّن تزدهي بهم مؤسسات علمية وإدارية وبحثية وإعلامية في مختلف أنحاء العالم …هؤلاء جميعهم أبناء المدرسة الجزائرية بعد الاستقلال .لم تكن دراستهم ولم يكن تعليمهم إلا في مدارس الوطن، من الابتدائي إلى الجامعة…فكيف استطاع هؤلاء تحقيق المراد وهو”التفوّق” الذي أتاح لهم تبوأ مناصب ومقامات عليا في دول ومجتمعات معروفة بنظامها التعليمي والوظيفي الصارم، وكيف لأجيال كاملة(أجيالنا نحن ممن هم على وشك التقاعد ) أن يكونوا في مستوى علمي وتربوي سمح لهم بتقلّد وظائف مختلفة أدوا ـ من خلالها ـ واجباتهم المهنية باقتدار وتمكّن ، على خلاف ما يُلاحظ على الأجيال الجديدة التي يكاد ينعقد الاجماع على أنها ذات مستوى ضعيف (حتى لا أقول أكثر). وهم أيضا منتوج المدرسة الجزائرية .فكيف يستقيم الأمر؟
على أي حال الحديث في الموضوع عريض واسع، ولكننا نريد أن نتجه إلى المستقبل بنقاء وصفاء،ونريد ـ بصراحةـ أن يكون مستقبل منظومتنا التربوية أفضل وأحسن ،وذلك ممكن إذا تداعت الإرادات الصادقة،وسلمت النيات، وأبعدنا القطاع عن الروائح الإيديولوجية (التغريب).وكمساهمة في هذا المجال ،نقدم هذه الملاحظات الواقعية المبنية على معايشة ومتابعة لمجال واحد وهو الكتاب المدرسي (الجيل الثاني ) ، ونخص هنا بالاهتمام مرحلة التعليم الابتدائي .علما أن هذه الملاحظات أولية ، و هي نتيجة لعمل مشترك لمهتمين من أبناء القطاع،أحاول تقديمه في عجالة.
ملاحظات حول الكتاب المدرسي /للجيل الثاني لمرحلة التعليم الابتدائي
أولا: كتاب اللغة العربية
I. كتاب السنة الأولى ابتدائي
ـ إذا كانت طريقة الكتاب الموحد قد حدّت من ثقل محفظة التلميذ؛ فإنها أربكت التلاميذ في تصفح الكتاب للبحث عن درس مادة، ثم العودة إلى صفحات سابقة بحثا عن مادة أخرى فيضيع الوقت يسبب حيرة للمتعلمين فهم مازالوا دون التحكم في هذا النظام. علما بأن تلاميذ هذا الصف لم يتحكموا بعدُ في الأرقام.كما أنه يصعب من مراجعة الدروس بالبيت ومرافقة الأولياء لأبنائهم.
ـ دراسة الحرف بجميع حركاته وبالإشباع (في جميع الوضعيات) في حصة واحدة يشتت ذهن المتعلمين ويؤثر على تحكمهم في الدرس.
ـ التعامل مع الكتاب في هذه السن فيه مشقة للمتعلمين على مستوى الحفظ والاستظهار وإنجاز الواجبات وغيرها….
ـ دروس التربية الإسلامية مختصرة جدًّا لا تفي بالغرض المطلوب.والمقصد في التربية الإسلامية كمادة هو أن تفي بالمطلوب،ومنه إعداد التلاميذ على نحو يسمح بإعطائهم أقدارا ( جمع قدر) من المعلومات الدينية والأخلاقية التي تساعد على نموّ شخصيتهم نموّا سليما متوازنا.
ـ بعض التعليمات غير واضحة بل وبعضها خاطئ مثال التمرين الثاني بالصفحة 13 على دفتر الأنشطة. (أذكرُ الأشخاص الذين تجدهم في المدرسة).
ـ تغير بعض الألفاظ بين الدرس والتطبيق (أي بين الكتاب ودفتر الأنشطة) فمثلا تثبت المعلومة (بابا، ماما) خلال الدروس، وأثناء التطبيق تصادفه ألفاظ (أبي، أمي).
في فقرة أعبّر وأبني يطلب من المتعلم استنتاج وبناء وقراءة جمل يتراوح عددها من سبعة إلى اثنتي عشرة جملة وفي هذا إرهاق للمتعلم، كما يطلب منه إنتاج جمل وكتابتها وهذا أيضا يفوق طاقته.
.IIكتاب السنة الثانية ابتدائي
ـ فهرس الكتاب غير مفصل خصوصا ما تعلق بالصيغ والتراكيب النحوية ؛ فهو غير موجود.
ـ يعتمد فهم المنطوق على الصورة بدل السمع وهذا يحدّ من تخيل المتعلم وبالتالي يعوقه ذلك على الأداء التعبيري الذي هومهارة ينبغي أن يُسعى إلى اكتسابها بل وتطويرها وتنميتها .
ـ وجود أخطاء وعدم توافق بين الدرس والمطلوب على دفتر الأنشطة فمثلا في الدرس 16 يصرّف الفعل «لعب» في الماضي مع الضمائر «أنتَ، أنتِ» وفي الأنشطة يطلب تصريف الفعل المضارع.
ـ إرهاق التلاميذ أحيانا بالكتابة في هذا المستوى ونموهم مازال لم يكتمل بعدُ ، من ذلك أنه يطلب منهم بالصفحة 07 كتابة سورة المسد كاملة تقريبا على الدفتر.
ـ استبدال لفظة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بلفظة النبي ، ولسنا ندري لماذا علما بأن المعتاد في الأحاديث النبوية هي الصيغة الأولى وكذلك حذف لفظ الجلالة «الله» من العبادة قال الله تعالى، فأصبحت قال تعالى: فالمتعلم في هذا المستوى لا يدرك من هو تعالى.؟ والأمر غاية في البساطة في إدراك الخلل في هذا الأمر، دون الدخول في تفاصيل أخرى.والأفضل أن نتبع الميسور العادي على الولوغ فيما يجلب الشّبُهات .
ـ دراسة حرفين متشابهين في الرسم(الكتابة) في وقت واحد :كالسين والشين ، فيه صعوبة؛ فالتلاميذ يخلطون بينهما، والأجدر أن تُدرس الحروف وفق مخارجها من السهل إلى الصعب ابتداء بالحروف الشفوية.
ـ في نشاط «أفهم وأجيب» المكان الذي خصص للإجابة لا يتسع للإجابة عن السؤال.
ـ في نشاط الخط نلاحظ عدم احترام مقياس الحروف على الدفتر ومثال (انظر ص 09)من دفتر الأنشطة.
ـ بمقطع الحياة المدرسية: يقدم في الدرس التصريف مع الضميرين أنتَ وأنتِ في الماضي والمضارع وعلى دفتر الأنشطة يطلب منه التصريف مع جميع الضمائر وهو(التلميذ) لم يتطرق بعد للماضي ولا المضارع.
ـ طول بعض الدروس بحيث لا يتسع الوقت المخصص للحصة لتنفيذها.
بعض النصوص المنطوقة (بنشاط فهم المنطوق) طويلة جدًّا لا يتمكن المتعلم من استيعابها لطولها.
لا يوجد ترابط بين دروس السنة الثانية ودروس السنة الأولى كون هذه الأخيرة تدخل ضمن مناهج الجيل الأول بينما الأخرى تابعة للجيل الثاني.
كثافة التمارين بدفتر الأنشطة لا يتسع الوقت المخصص للحصة لتقديمها ولا تسمح طاقة المتعلم بإنجازها.
في بعض دروس التربية المدنية نجد الصورة لا تخدم الدرس ومثال ذلك درس (من واجبي الانضباط)، يتحدث عن الانضباط في العمل والمواعيد، بينما لا تعبر الصورة عن ذلك.
ضيق الفضاء المخصص للجواب على دفتر الأنشطة.
فئة المتعلمين الذين يعيرون الكتاب المدرسي (فئة المعوزين وأبناء القطاع…) محرومون من إنجاز النشاطات على الكتاب كونه معارًا وهذا سبب لهم تأخرًا في الاستيعاب، وعليه نقترح العمل على الكتاب حتى يلحقوا بركب زملائهم.