وانتصر صمود المرابطين والمرابطات على أبواب الأقصى … ! – بقلم عبد الحميد عبدوس
حاولت قوات الاحتلال الصهيوني إفساد فرحة المصلين الفلسطينيين بعودتهم إلى دخول المسجد الأقصى المبارك بعد أسبوعين من إغلاقه في وجههم، ثم تنصيب أبواب إلكترونية على مداخلهم لإهانة كرامة المصلين والمصليات وإجبارهم على الوقوف في طوابير حديدية قبل الدخول إلى المسجد، فقد شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها صباح يوم الجمعة على دخول المسجد الأقصى، ولم تسمح سلطات الاحتلال إلا بدخول النساء ومن هم فوق سن الخمسين من الرجال إلى المسجد الأقصى، واقتصر دخولهم على أبواب السلسلة والأسباط والمجلس، بينما بقيت ستة أبواب مغلقة.
كما نشرت القوات الإسرائيلية 3000 شرطي، ونصبت عشرات الحواجز، كما رفعت حالة التأهب القصوى قبل صلاة الجمعة في المسجد الأقصى. مما جعل عدد المصلين في أول جمعة بعد أزمة البوابات الالكترونية لا يتجاوز عشرة آلاف مصل. ولكن صمود المقدسيين والفلسطينيين وتضحيات المرابطين والمرابطات على أبواب الأقصى، كسر أخيرا التعنت الإسرائيلي وأجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على التخلي عن إجراءاته القمعية والتخلي عن جميع شروطه لفتح أبواب المسجد المبارك، وحق للفلسطينيين أن يفرحوا بنصرهم وعودتهم للصلاة في المسجد الأقصى.
لقد اعتبرت الحكومة الإسرائيلية وخاصة أجنحتها المتطرفة قضية تنصيب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى صراعا على السيادة، ولذلك اعتبر قرار الحكومة الإسرائيلية بإزالتها يعني أن إسرائيل لم تعد صاحبة السيادة على الحرم القدسي، حسب الصحف الإسرائيلية، وقالت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية: إن 67% من الإسرائيليين يرون أن أداء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في أزمة بوابات المسجد الأقصى لم يكن جيدا، في حين أن غالبية الجمهور الإسرائيلي تبدي معارضة لقرارات نتنياهو في الأيام الأخيرة.
أما نفتالي بينت زعيم حزب (البيت اليهودي) المشارك في الائتلاف الحكومي الصهيوني فقد شبه إزالة البوابات الالكترونية بـ “هروب إسرائيل من لبنان” عام 2000 بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وقال: إزالة البوابات الإلكترونية من مداخل المسجد الأقصى كان “استسلامًا”، وأن “إسرائيل” تذهب إلى الأسفل. وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اتخذ قرار إزالة البوابات الإلكترونية بعد مكتب “الحكومة المصغرة” فقد حاول التنصل من تبعات القرار وألقى بالمسؤولية على جهاز الأمن العام (الشاباك) وقال دافيد بيتان عضو حزب الليكود الذي يرأسه نتانياهو أن توصية الشاباك والجيش الإسرائيلي لم تبق أي مخرج أمام نتنياهو” .
وإذا كان القادة الإسرائيليون قد حاولوا تبادل اللوم عن قرار إزالة البوابات الإلكترونية من مداخل المسجد الأقصى المبارك، فإننا نجد في المقابل القادة العرب قد تنافسوا في تبني هذا الإنجاز، ففي البيان الختامي للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد مساء الخميس ( 27 جويليه 2017 ) في القاهرة، ورغم أن اجتماعهم هذا جاء بعد يومين من تصويت الحكومة المصغرة الإسرائيلية صباح الثلاثاء 25 جويلية على إزالة البوابات الإلكترونية، فقد استعملوا كالعادة في ختام اجتماعهم سلاحهم الرهيب ضد إسرائيل وهو التنديد والشجب، كما حرصوا على توزيع أوسمة النصر على ملوكهم ورؤسائهم ونسبوا لهم تحقيق إنجاز تراجع إسرائيل عن نصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى المبارك، حيث أشاد البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب، ” باتصالات وجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لحماية المسجد الأقصى، كما ثمن جهود الملك عبد الله الثاني عاهل المملكة الأردنية الهاشمية صاحب الوصاية على الأماكن المقدس الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس لإنهاء الإجراءات الإسرائيلية التصعيدية الخطيرة التي تمس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف. كما ثمن مجلس الجامعة الجهود التي يبذلها العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس في هذا الصدد .”
الجميع يعرف أن الذي جرى اليوم هو أن المقدسيين لوحدهم وبصدورهم العارية دافعوا عن شرف الأمة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وأن الموقف العربي والإسلامي لم يرق إلى مستوى الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.
لقد تيقن الفلسطينيون أن المسجد الأقصى بات الخندق الأخير للدفاع عن الكرامة الفلسطينية والعربية والإسلامية لذلك توحدوا بكل فصائلهم وأطيافهم لنصرة الأقصى ونجدة المرابطين والمرابطات على أبوابه، لقد فعلوا ذلك عندما اقتحم السفاح المقبور إريل شارون زعيم المعارضة الإسرائيلية ـ آنذاك ـ باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية الجيش الإسرائيلي في سنة 2000 وهو الاقتحام الذي فجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
.