من كواليس الجامعة الصيفية
• مما يجب ذكره أن الجامعة الصيفية كان في إدارة أشغالها وفعالياتها أشبه بميدان تدريب وتكوين للشباب، تنظيما وتسييرا وإدارة جلسات، وقد منحهم ذلك تحفيزا حقيقيا وشجعهم على العمل الميداني في المجال الثقافي. وحتى لو كانت هناك أخطاء، ولا بد منها، فإنها كما يقول المربون “تدخل في التكوين” فبارك الله فيهم على ما بذلوه واجتهدوا فيه بصدق وفعالية.
• يمكن لمن يتابع بشيء من الاهتمام والتفحّص والقراءة للملامح والسلوك أن يكتشف الكثير من الطاقات الجيدة في شبابنا في حركاتهم وسلوكاتهم، وليس سرّا أن أقول: إن هناك مشاريع قادة حقيقيين يمكن بقليل من الاهتمام والتوجيه والتشجيع أن يدفعهم إلى مصافّ الرواد في مجالات عدة.
• يمكن أن يلاحظ الحاضر في الأشغال بسهولة تنوّع الشرائح الفكرية في الجامعة الصيفية للشباب الحاضر، شكلا ومضمونا، قد تكون هذه نقطة قوة للجمعية من حيث إنها ـ أي الجمعية ـ خيمة جامعة لكل الجزائريين ـ والجزائريات ـ بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم، طبعا مع وحدة في التصور الخاص بالثلاثية المعروفة لدى الجمعية: الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا. وقد يكون العمل المعرفي والمنهجي أمرا ضروريا لتقريب أكبر بين هؤلاء الشباب، وأهم ما ينبغي تعلّمه هو “قبول الآخر” واحترامه، وقد لوحظ هذا بكل وضوح.
• على كثرة الإيجابيات في هذه الجامعة فإن هناك سلبيات لا بد أن تُذكر وينبغي مستقبلا محاربتها بكل الأشكال التنظيمية والقانونية ـ أعني النظام الداخلي للملتقى أو الجامعة الصيفية ـ من تلك السلبيات المقيتة نذكر اثنين على الأقل:
ـ الدوران خارج قاعة الأشغال في المقهى أو في الأروقة، وهو شيء لا يمكن فهمه؛ فإن الشاب ـ وحتى الكهل ـ الذي يأتي من ولاية تبعد 600 أو 400كلم عن العاصمة ويتجشم العناء الكبير والسفر والمشقة وعندما يكون في قلب الأشغال يخرج إلى الرواق و”يدور”…شيء سيء حقا، وينبغي تجاوزه لأنه سلوك مشين.
ـ السلبية الثانية: هي استخدام الفيسبوك والمحادثات ويلحق بهماـ الكلام الهامشيـ أثناء الأشغال، فكيف يمكن فهم تفويت فرصة الاستماع إلى أمثال الدكتور سليم قلالة أو الدكتور يحي باكلي أو الدكتور قاسم بلحاج أو الدكتور يونس قرار أو الدكتور عمار جيدل إلخ ..كم نتمنّى أن يختفي هذا السلوك في فعالياتنا الثقافية والدينية، ويولي الحضور كامل الاهتمام والتركيز لما يسمعونه.
• هناك مسألة أخرى لها صلة بالسابقة وهو ما نسجله من غياب الكتابة والتوثيق، في أشغال الملتقيات وهي عادة سيئة، فلا يمكن تقييد العلم إلا بالكتابة والتدوين: تدوين الملاحظات، التواريخ، الأرقام، عناوين الكتب والدراسات الهامة الجديدة الخ ..التدوين تقنية رائعة للاحتفاظ بالمعلومات والمعطيات للاستفادة منها في الوقت المناسب، بل للاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن. وربما جاز لنا أن ندعو إلى تعليم الجيل الشاب تقنيات التلخيص ـتلخيص المحاضرات والمداخلاتـ وإلزامهم بالكتابة في الملتقيات والندوات خاصة تلك التي يحضرها أعلام ودعاة وعلماء كبار.
• من باب الشكر والتقدير نرفع التحية الخالصة لعمال الخدمات الجامعية الذين لاحظنا فيهم الاهتمام والتقدير، بل والتفاعل الجميل إنسانيا مع جموع الشباب، وكم تؤثر تلك المشاهد من تبادل التحايا والتقدير والشكر والامتنان … إنها عيّنة مصغّرة على ما نرجو أن ينتهي إليه مجتمعنا كل من تبادل المحبة والتقدير بين أفراده، ليس في الجمعية فقط ولكن في كل الساحات والمناسبات والمؤسسات، فأخلاق الإسلام هي التي تجمعنا وتوحّد صفوفنا وتقرّب بيننا.