انفتاح واستقلالية … ما أروع ذلك! – بقلم حسن خليفة

من بين أهم مزايا ومميزات الجامعة الصيفية التي دارت أشغالها قبل يومين في القليعة، والتي خُصصت في طبعتها الرابعة للشباب… الطروحات الرائعة لمجموع الأساتذة المحاضرين مما له صلة بالجمعية ومنهجها في العمل الديني والإصلاحي، وقد تقاطعت آراء كثير منهم حول بعض الملامح الرئيسية التي ينبغي – في تصوّري- تعميقها وتقنينها والعمل على تحليلها ودراستها بشكل أدق، مع مزيد بحث وتمحيص؛ لإفادة الأجيال الحالية والتالية بتاريخ ناصع فريد من أدوات ووسائل العمل الإصلاحي التغييري الهادئ الرصين الواثق.
من ذلك ما أشار إليه الدكتور محمد دراجي* عندما تحدث عن الجمعية كـ “مدرسة دعوية متميزة وفريدة من نوعها، وأن منهجها لا يشبهه أي منهج آخر” وذكر بشكل خاص أمرين اثنين تميز بهما هذه المدرسة الدعوية:
أـ الانفتاح: والمقصود به وجود أفق منفتح في فكر قادة الجمعية الأوائل جعلهم يقرأون ويهتمون ويستفيدون من المدارس والمناهج والتيارات والاتجاهات وبالأخص منها التيارات الفكرية الإسلامية، وهذه ميزة مهمة، تتيح استيعاب الآخر وفهمه والاستفادة منه، دون إشكال. وهو أمر أخشى أن أقول إن كثيرا من المدارس والتيارات الإسلامية لا ترتضيه، بل تعمل على إبطاله بكل الأشكال، حيث يبلغ الانغلاق مداه لدى البعض لدرجة “تحريم” التعاطي مع الآخر- ولو كان مسلما- وتجريم التفاعل معه، وهو ما نراه ونشهده في واقعنا الحي القائم في ساحات الثقافة والفكر والدين وفي الجامعات والمساجد.
بـ ـ الميزة الثانية الاستقلالية: ويمكن أن نعبّر عنها بالاحتفاظ بالرأي والموقف الخاص للجمعية في أي شأن أو نازلة أو مسألة، فأعلام الجمعية وقادتها، مع اطلاعهم ومعرفتهم وتأثرهم أحيانا بمحيطهم وبالأفكار الموجودة، لكنهم يحتفظون بمسافة ما بينهم وبين غيرهم، بما يجعل موقفهم يصدر عن قناعة خاصة تتبلور من خلال هياكل الجمعية الرسمية، يعبر عنها هذا الشيخ أو ذلك، أو تعبّر عنه الجمعية ككيان متكامل. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، بما فيه المواقف من الحركات والتيارات الإسلامية في العالم الإسلامي مشرقا ومغربا.
هاتان الميزتان من المهم، في تصوّري، الاجتهاد في إضاءة كل جوانبهما ومعرفة تفاصيلهما والحديث عنهما باعتبارهما تميّزا وفرادة يجب أن يستوعبه هذا الجيل من أبناء الجمعية، كما يجب أن يدركه الدارسون الذين يغربلون وقائع التاريخ والفكر وحركات الإصلاح.
ولعل من أجدى الصيغ وأقربها للإفادة عقد لقاءات أو ندوات علمية بحضور علماء ودعاة ومشايخ ومؤرخين وطلبة علم يبحثون هذه المسألة من كل جوانبها ويجتهدون في إيجاد مخرجات تتيح كيفية إبراز وتجسيد خصائص منهج الدعوة والإصلاح لدى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
• كانت عموم محاضرات الأساتذة ذات صلة بالجمعية، وجديرة بالاهتمام، فالشكر الجزيل لهم على ما بذلوه من جهد واجتهاد.

Exit mobile version