"القرآن كم هو أفضل"- الاستاذ محمد الهادي الحسني
صاحب هذه الجملة الجميلة والجليلة يهودي، اسمه ميليتس يعقوب، الذي ولد في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد ولد في أسرة يهودية ملتزمة بما تعتقد أنه دين، وهو إلى الشرك والكفر أقرب.. فنشأته على ما كانت تعتقده.. خاصة أمه التي كانت تشحن عقله بتلك القصص “التوراتية”، وهي مما كتبه الأحبار بأيديهم، ثم قالوا هي من عند الله، وما هي من عند الله..
لم يحس هذا الصبي والفتى والشاب بأدنى تجاوب عقلي، أو تأثر قلبي بما كانت تصبه والدته في عقله.. وزاده نفورا من ديانته التي نُشّئ عليها ارتداد والده عن هذه الديانة، ولكنه اعتنق ما هو أضل من ديانته، أعني الديانة المسيحية، فاليهودية على الأقل تؤمن بإله واحد، أما المسيحية فهي – أو أكثر فرقها- تؤمن بأن “الله ثالث ثلاثة”، وهو ما نهي عنه المسيحيون كما جاء في القرآن الكريم: “لا تقولوا ثلاثة”.
تزعزع إيمان ميليتس باليهودية، فراح ينأى عنها شيئا فشيئا، وتاه بين الفلسفات والمذاهب الفكرية والاجتماعية الوضعية، واستهوته – لمراهقته- الشيوعية.. ولكن لم ينشب أن كفر بها، كما كفرت هي بالذي خلق الأكوان وقدر الأقدار.
بدأ الإسلام يتسرب شعاعه المنير إلى عقله المظلم، وكان ذلك عن طريق اهتمامه بالقضية الفلسطينية، التي كان بعض أبنائها وبعض “العرب” يكفرون بها.. وانتهى الأمر بهم جميعا إلى وصف المناضلين الفلسطينيين بـ “الإرهاب”، وبدأ يحس بـ “العطش الديني”، ويقول في نفسه: “أتمنى لو أني كنت رجلا متدينا”.
وجاءت اللحظة التي قدرها العليم الخبير لهذا الرجل أن يهتدي، وهذه اللحظة هي ما سماه بعضهم “غزوة نيويورك”، حيث وجد نفسه على عكس الأكثرية الأمريكية – من اليهود والنصارى وغيرهم- الذين انفجر حقدهم ضد الإسلام والمسلمين.. حيث اعترف بأن “الإسلام بدأ يبدو أكثر سحرا في عيني”، وتأكد من أن كثيرا مما سمعه – مباشرة أو في وسائل الإعلام – عن الإسلام هو أقوال تافهة..
وأراد أن يقطع الشك باليقين، فراح يقارن بين ما يقرأه وما يسمعه في “الكتاب المقدس” وبين القرآن الكريم، “فوجدتُ – كما يقول- الكثير من الأشياء المذهلة”، واعترف بأنه “أدهشه ذلك التناغم المنطقي في القرآن الكريم.. وأدركت كم هو القرآن أفضل”.
كما اعترف هذا الرجل الذي علم الله في قلبه خيرا، فهداه إلى الطيب من القول، وشعر بما في القرآن الكريم من متعة عقلية ونفسية عكس ما كان يحس به من ملل عندما كان يقرأ ما يسمونه “الكتاب المقدس”..
وانتهى به “التيه الفكري” والقلق النفسي إلى الاقتناع بـ “أن كل شيء في الإسلام منطقي ومعقول، وكل العبادات مثل الصلاة وصوم رمضان بوسعي أن أفهمها”. (انظر: هالة لولو: كيف أسلمت؟ دار الفكر. صص 98-101).
عندما قرأت قصة هذا “اليهودي” الذي أسلم وجهه لله، بعد بحث عن الحقيقة، تعجبت من “بني جلدتنا” الذين ضلوا، ويريدون أن يضلّوا غيرهم.. والمفروض أن يكونوا مهتدين في أنفسهم، هادين لغيرهم.. ولكنها حكمة الله، الذي لا يهدي لدينه القويم إلى الطيبين والطيبات، أما الخبيثون والخبيثات فيجعلهم كمثل الكلاب إن تحمل عليها تلهث أو تتركها تلهث، وهم يحسبون ويحسبن أنفسهم وأنفسهن على شيء، وإن هم وهنّ إلا كالأنعام، بل هو أضل.
اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.