لا مرية في أن أكثر الناس ممن سبق لهم أن سمعوا اسم أرنود فان دورن قد نسوه..
إنه أحد قادة حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف، وقد صار أشهر من نار على علم عندما وسوس له قرينه، وزين له أن يخرج شريطا سينمائيا سماه “فتنة” تقيأ فيه ما شاء له الهوى عن أفضل من قذفته رحم، وسعت به قدم، سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم ـ كان رد فعل المسلمين آنذاك كبيرا، فسيروا المظاهرات، ونشروا الاحتجاجات، ولم يكن لذلك أثر… خاصة أن تلك المظاهرات تميزت بالفوضى.. ولكن الله- العليم الخبير- علم أن في قلب هذا الإنسان ذرات من الخير، فقلب- وهو مقلب القلوب- قلب هذا الإنسان من الشر إلى الخير. ألم يفعل- سبحانه وتعالى- ذلك مع سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان ناويا قتل رسول الله- عليه الصلاة والسلام- فصار أشهر مناصر للإسلام، ومدافع عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- دخل أرنود فان دورن في دين الله، بعدما شرح الله- عز وجل- صدره للإسلام، وأزال ما على بصره من غشاوة، وما على قلبه من ران، وعرف مقدار الأذى الذي ارتكبه فأعلن: “سأبذل ما بوسعي لأرفع الأذى الذي ألحقته بالإسلام، وبنبيه عليه السلام في فيلم “فتنة” “. وقد تعهد الرجل أن يكرس حياته وكل خبرته في ميدان السينما لإنتاج فيلم ينسخ به فيلمه السابق ويتناول صورة الإسلام الحقيقية، وصفات رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
لقد اعترف الرجل أنه انساق لما يشيعه أعداء الإسلام- حتى ممن يزعمون أنهم مسلمون- عن الإسلام، ولم يبذل الجهد اللازم لمعرفة الإسلام ورسوله- عليه الصلاة والسلام-
ولعل تلك المسيرات الغاضبة، وتلك الاحتجاجات الصاخبة هي التي جعلته يقرر أن يدرس الإسلام، فانتهى- بعد الدراسة- إلى الاهتداء إلى الحق واتباعه. واعتبر ما هو فيه الآن نعمة عظيمة من الله- عز وجل- خاصة عندما اعتمر، ووقف أمام قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي روضته، وصلاته فيها، ففاضت عيناه بالدموع وأحس- كما قال-: “أنه في روضة من رياض الجنة”.
ومن أجمل ما قاله عن سبب اهتدائه إلى الإسلام بعد ما قرأه في المصادر الموضوعية عنه، ومساءلة العالمين به؛ قال: “إن الإسلام دين إيجابي، جميل، نقي وأصيل، إنه دين كله جمال”. (هالة لولو: الآن ربي له اسم. ص 20. دار الفكر).
وإن نعجب فلنعجب لنا نحن المسلمين الذين تبلدت فينا مشاعر الإحساس بالجمال في جميع مظاهره التي خلقها الجميل- عز وجل-
وما أتعسنا إذ لا نرى جمال خلق الله، وما أشقانا إذ لا نحس هذا الجمال في أنفسنا، وفيما حولنا، ومن فوقنا، حيث زين الله- عز وجل- السماء بمصابيح..
وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القائل: “إن الله جميل يحب الجمال”
فلنتجمل، ولنحب الجمال، ففي ذلك عبادة لله، وشكر له على نعمة الجمال..