مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

حربٌ عربية قذرة على حماس! / بقلم حسين لقرع

تجري في الأيام الأخيرة عملية شيْطَنة غير مسبوقة لحركة “حماس”، واتجاهٌ إلى تجريمها ومحاصرتها بشتى السبل وقطع كل أشكال الدعم عنها، تمهيدا لتنفيذ مخططٍ صهيوني أمريكي خطير بتصفية القضية الفلسطينية.
المؤسف أن أطرافا عربية هي التي تقوم بنفسها بعملية الشيْطنة هذه المرة عوض أن تكون في خندق الدفاع عن فلسطين والأقصى ضد الاحتلال؛ فحينما يقول وزير الخارجية السعودي إن “الكيل طفح” ويطالب قطر بوقف دعم حماس، ويصرّح وزير خارجية الإمارات بأن “وجود حماس في قطر يمثل مشكلة للمنطقة؟!”، ويتهم جيشُ حفتر، المدعوم مصرياً وإماراتياً، كتائبَ القسام بتدريب كتائب إخوانية في ليبيا… فإن هذا يعني أن هناك حملة تحريض خطيرة ومنسّقة بدأت ضد حماس، وأن وجودها في قطر ودعمها لها ماديا وسياسيا وإعلاميا، هو لبّ المشكلة بين هذه الإمارة والدول التي قطعت العلاقات معها.

حماس حركة مقاومة داخل فلسطين فقط، وسلاحُها موجّه للاحتلال الصهيوني وحده، ولم يسبق لها قطّ أن تورّطت في توجيهه إلى أيّ بلد عربي حتى لو بغى عليها، فكيف يُعدّ وجودُ بعض قادتها إذن في قطر “مشكلة للمنطقة” برمّتها وليس مشكلة للاحتلال وحده؟! حماس حرّرت غزة في 2005 وتصدّت للاحتلال في ثلاثة حروب طاحنة، وهذا مبعثُ فخر واعتزاز لكل عربي ومسلم شريف يأبى الاحتلال، والمفترض أن تُدعم بشتى الوسائل لتقوية شوكتها، لأنها رفعت رأس هذه الأمة المطحونة عالياً، لا أن يصبح وجودُها في دولة عربية “مشكلة” مزعجة لبعض العرب؟!

يمكن أن نتفهّم ظروف إحجام أغلب الدول العربية والإسلامية عن دعم حماس ضد الاحتلال المدعوم من الجبَّار الأمريكي ونلتمس لها عذرا، ولكن لماذا يصرّ بعض العرب على الانتقال إلى الخندق المعادي لها ومحاربتها بشتى السُّبل؟ وهل يمكن أن نلومها في هذه الحالة على توطيد علاقتها بإيران التي تدعمها بالمال والصواريخ وما تيسّر من أسلحة للدفاع بها عن غزة؟

لو كان العرب يعقلون لسعوا إلى استقطاب حماس وإبعادها عن إيران وهم الذين يقولون إنهم يحاربون نفوذها بالمنطقة، لكنهم يعاقبون قطر، لأنها تدعم حماس بدل أن يشجِّعوها على ذلك، وكأنهم يريدون بذلك دفعها إلى الارتماء أكثر في أحضان إيران. أليست هذه مفارقة؟

إن معاداة بعض العرب للمقاومة والتحضير لتصنيفها “إرهابية”، وتجريم كل من يدعمها ماليا وسياسيا وإعلاميا، والتحضير في الوقت نفسه للتطبيع مع الاحتلال الذي تحوّل إلى “صديق جديد” و”حليف”… هو منزلقٌ خطير وخطوة في الاتجاه الخاطئ قد تمنح الضوء الأخضر للاحتلال لشنّ حربٍ أخرى على غزة وارتكاب مذابح جديدة بحق الفلسطينيين، فضلا عن الإمعان في اضطهادهم والتنكّر لأبسط حقوقهم، وكم آلمنا أن ينتشي الصهاينة بهذه الخطوات الدراماتيكية ويهللوا لها، حتى أن مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني عدّها “مصلحةً صهيونية أمريكية واضحة”، أما وزير الحرب الصهيوني السابق موشي يعلون فقال بذهول: “إن الدول العربية التي حاربت إسرائيل منذ 50 سنة تركب الآن معها في القارب نفسه!”، اليوم سقطت كل الأقنعة وآخرُ أوراق التوت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى