الموضوع: كيف يزكي المقاولون، وأصحاب المشاريع الاقتصادية الظرفية الخاصة.

السؤال: قال الأخ (س.ب) أنا مقاول، في مشاريع مختلفة، وكلما أنجزت مشروعا، واكتسبت منه الربح الذي رزقنيه الله تعالى، مسكت ما يكفيني لقوتي وعيالي، والباقي أشتري به وسائل إنتاج كالشاحنة، ومحلات للعتاد، وسيارات للعمل، وغيرها، وإذا حال الحول فلا تكون عندي أموال، إما أنني صرفتها في وسائل إنتاج، أو التي مازالت دينا على المؤسسات العمومية والخاصة التي أتعامل معها، فكيف أخرج الزكاة؟ وأحيانا أشتري صفقة تجارية وأبيعها، وأربح فيها، وبعد شهر أو شهرين أشتري أخري، وهكذا. فإذا حال الحول وحسبت ما عندي من المال، يكاد يكون المال كله من الصفقة التجارية الجديدة التي لم يحل عليها الحول. فكيف العمل في مثل هذه الحال؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ﴾(البقرة:267). وقال تبارك وتعالى:﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾(الروم:38/39).
طريقة إخراج الزكاة في التجارة، بالجملة والتجزئة، وأجور الموظفين، وكراء العمارات، ومداخيل وسائل النقل، ومنها: مداخيل عمال البناء والخدمات العمومية، ومداخيل الأطباء والمقاولين، والصناعين. وغيرهم. تقدر وتحسب المداخيل كل عام مع كل ما هو معروض للبيع. ويخرج ربع العشر، عن كل رصيد مال بلغ قيمة: (85 غراما من الذهب فما فوق).
2 ـ زكاة الأنعام أيضا تخرج كل سنة ما دام صاحب الأنعام يملك النصاب فأكثر. والنصاب: خمس في الإبل. و30 في البقر، وأربعون في الضأن والمعز. حسب المقادير المقررة شرعا.
3 ـ وفي الزراعة، كسائر الحبوب، والثمار كالتمر، والزيتون، والبرتقال، والتفاح، والجوز، وغير ذلك، تخرج الزكاة يوم الحصاد، العشر عما سقت السماء، ونصف العشر فيما سقي بالسانية. عن جابر بن عبد الله يذكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ](مسلم. كتاب الزكاة).
4 ـ والمقاول صاحب السؤال، يخرج زكاة أمواله كما يفعل التاجر، وأصحاب المصانع والحرف وغيرهم. كل عام يَعُدُّ ما رزقه الله ويخرج ربع العشر. وكذلك التجار بالجملة، أو بالتجزئة. ففي موطأ الإمام مالك [قال مالك الأمر عندنا فيما يُدار من العروض للتجارات أن الرجل إذا صَدَّقَ ماله ثم اشترى به عرضا، ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة، وإن طال زمانه، فإذا باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة.
وقال أيضا: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرا أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه](الموطأ كتاب الزكاة).
5 ـ لكن هل يجوز لصاحب السؤال حسب الحالة التي عرضها أن يخرج الزكاة عن كل صفقة، يعني كلما أنجز مشروعا وقبض أرباحا، قبل أن يوظفها في مشاريع أخرى جديدة يزكيها؟ نعم يجوز له ذلك، هذا بالنسبة لعمل المقاول الذي قال، كلما دخلت أرباح مشروع وظفها في مشروع آخر، في وسائل يعمل بها، وليس في عروض تجارية. أما إذا كان يوظف المال في عروض تجارية جديدة فلا إشكال في ذلك فزكاته تكون بطريقة حساب العروض التجارية عند حولان كل حول كسائر التجار، والله تعالى أعلم. فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ أَنْفِقِي أَوْ انْضَحِي أَوْ انْفَحِي وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ] (مسلم.كتاب الزكاة).