مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
قضايا الأمـــة

ماذا يجري في أمريكا وفرنسا من معاداة الإسلام؟

إن الذي يستمع إلى خطاب فرنسوا المترشح للرئاسة في فرنسا مهيجا للجمهور في ليون، يدعو إلى اعتبار السلفية والإخوان المسلمين إرهابيين، ويواجه الإسلام بهجوم عنيف، وهو يعلم أن شريحة كبيرة من المواطنين الفرنسيين مسلمون، منهم من هو فرنسي الأصل، ومنهم من تناسل من مهاجرين في القرن الماضي، ومن الجزائريين والمغاربة والتونسيين الذين أصبحوا فرنسيين.
وقد حارب هؤلاء من أجل فرنسا ودافعوا عنها في حروب عديدة، وقتل منهم آلاف، ويأتي هؤلاء الذين يغضون الطرف عن التاريخ ويهاجمون الإسلام وهو الدين الثاني في فرنسا بعد المسيحية، ولا يهمهم إلا اتخاذ الإرهاب ذريعة للنجاح في الانتخابات، ويصرفون النظر عن كل قيمة أخلاقية ودينية، وهمهم ربح أصوات من يخاطبونهم خطابا شعبويا -كما يقال- ويزعمون أنهم من أهل السياسة والخبرة، ومعرفة ما يسود العالم اليوم من ثقافات متعايشة، ويستعملون شعارات للوصول إلى غرضهم أن ما يجري في دولة تسمى عاصمتها عاصمة الأنوار يؤسف له، أن ينجرّ هؤلاء إلى تطرف عنصري واضح، ويمكن أن ينتقل هذا إلى أوروبا كلها، ويؤدي إلى حروب دينية لا يعلم مداها وأضرارها هؤلاء المتحدثون باسم الديمقراطية ويتزعمون الناس بسياسة ماكرة لا تراعي عصرنا هذا الذي أصبح العالم بيتا واحدا تقريبا لا مجرد قرية.
ولعل ما أثاره الرئيس الأمريكي المنتخب أثناء ترشحه من موجة عنصرية ضد المهاجرين والمسلمين، كان له أثر واضح في أوروبا كما يبدو.
فلم تبق العنصرية بين السود والبيض التقليدية في أمريكا بل انضافت إلى ذلك العنصرية ضد المهاجرين والأقليات وضد المسلمين.
ألا يدري هذا الرئيس الأمريكي الذي غرّته ثروته وأمواله، وتفرعن أن كثيرا من هؤلاء المهاجرين يخدمون أمريكا في الجامعات ومراكز البحوث ومختلف مجالات الإبداع، وعدد كبير منهم مسلمون وغير أمريكيين في الأصل، وعملت السياسة الأمريكية على جذبهم وإغرائهم لخدمتها، وهذه هي البراجماتية الأمريكية الحقيقية، وهذا القول ينطبق على فرنسا، فإن عددا كبيرا من العلماء والأطباء والباحثين هم من الجزائريين وغيرهم من المسلمين، يخدمون البحث العلمي والثقافة الفرنسية، واللغة الفرنسية.
ألا يشعر هؤلاء بأهميتهم، وخسارة بلدهم لمن يهاجر إليهم من العلماء مستقبلا، ومن الطلاب النبغاء الذين يجذبون أنظار أساتذتهم بإبداعهم، وأوتوا من عقول، وما يبذلونه من جهود في مختلف الجامعات ومراكز البحث والمختبرات.
ولعل هذا في فائدة الدول التي يسرق منها طلابها، وعلماؤها، ليخدموا بلادهم وينقذوها من التخلف.
وما تقدمت أمريكا إلا لكونها تقبل كل الجنسيات من العرب، والهنود، والصينيين، واليابانيين، والإيرانيين، وتخسرهم أوطانهم. ولهذا تجد ثلثي الذين يحصلون على جائزة نوبل من الأمريكيين.
إن هذه الموجة العارمة من العنصرية خطر على السلم العالمي، كنا قد ظننا أن القوميات الضيقة التي مزقت أوروبا ثم العالم العربي الإسلامي قد أفلت وذهب ريحها، وجاء عنصر التعايش بين الثقافات والأجناس لدرجة العولمة، ولكن يبدو اليوم أن أوروبا وأمريكا أخذت طريقها للانحصار في ذواتها، مما يؤدي إلى المعاداة للديانات والأعراق، وإلى الكراهية متذرعة بشتى الذرائع، ويبدو أن النخبة السياسية أخذت تتورط في تعميق هذا كله لأغراض انتخابية ذات النظر الضيق الشعبوي، الذي يتنزه عنه كل من ينتسب للنخبة السياسية والثقافية انتماء حقيقيا يؤسف لهذا الانحدار السياسي الذي يسميه مالك بن نبي: البوليتيك Boulitique تلك السياسة الرديئة المخادعة للجمهور العادي الذي لا يعرف الحقائق من وراء ذلك، وخطاب فرنسوا في ليون يدل على جهله للإسلام، والثقافة الإسلامية، ويتخذ مقياسا للإسلام والمسلمين هذه الطائفة المجرمة التي تسمى داعش وهي لا يعترف بها أغلب المسلمين في العالم، ويعتبرونها ضلالا مبينا، وإفسادا لسمعة الإسلام وقيمه العليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى