مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث دولية

"ترامب" يبادر بالهجوم -الأستاذ محمد الحسن أكـــيـــلال

البداية .. بأوروبا
قبل خمسة أيام بالضبط من استلامه العهدة الرئاسية من سلفه “أوباما”، بادر الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب” بالهجوم على الاتحاد الأوروبي بتأييده لقرار المملكة المتحدة (بريطانيا) الانسحاب من هذا الاتحاد، ثم انتقاد ألمانيا الاتحادية على قرارها للسماح للمهاجرين العرب و المسلمين إليها.
البعض من الذين تجرفهم الحملات الإعلامية المختلفة في الغرب يقعون في حالة من الدهشة و الامتعاض و الارتباك من سلوك هذا المغامر الشرس الذي يريد فعلا إعادة تدوير لمسار العلاقات الدولية الذي كان منذ بداية الثمانينيات باتجاه عقارب الساعة ؛ رغم أن المبرمجين له و المخططين في الولايات المتحدة كانوا ينوون توجيهه بالعكس، لكن عوامل ظرفية أحدثتها اهتزازات قوية تركت المسار على ما هو عليه للإبقاء على الحد الأدنى من حماية و وقاية السلم و الأمن الدوليين بعيدا على أخطار التفجير الفعلي و الحقيقي الذي من شأنه إحداث كارثة حرب عالمية ثالثة.
للتذكير و الإفادة فإن الإستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على العالم كما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي الأسبق “جيمي كارتر” في 27 جوان 1977، كانت تتضمن رفضا ضمنيا لإنشاء الاتحاد الأوروبي، و هي (الولايات المتحدة) كانت تهدف في إستراتيجيتها تلك إلى السيطرة على كل منطقة أوراسيا انطلاقا من حوض البحر الأبيض المتوسط و البحر الأحمر و بحر العرب، والزلازل التي وقعت في الصومال و الجزائر، و تفكيك الاتحاد السوفييتي ثم حرب الخليج و قبلها أفغانستان، كلها كانت موضوعة في هذه الإستراتيجية التي وضعها ثلاثة من كبار جهابذة الفكر الإستراتيجي الأمريكي، هم “هنري كيسنجر” و “بريزنسكي” و “روكفيلر”، و الثلاثة من المؤسسين لتيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، و حين يذكر هؤلاء يذكر من ورائهم اليمين الصهيوني المتطرف الذي يقود أمريكا منذ بداية الستينيات من القرن الماضي.
فـــ “ترامب” إذن الذي اعتبره البعض أحدث مفاجأة بفوزه في الانتخابات الماضية لا لشيء إلاّ لكون هؤلاء المتفاجئين ألفوا الاسترخاء الممتع للسياسة الأمريكية الخارجية في عهد الرئيس “باراك أوباما” و قبله سلفه “كلينتن” في نفس الحزب (الديمقراطي) الذي عامل ميلاد الاتحاد الأوروبي بليونة مع عدم نسيانه للأهداف الإستراتيجية لبلاده التي وضعها أولئك المحافظون الجدد، فـــ “ترامب” جاء ليقول بوضوح أنه مخلص للاتجاه و العقيدة الأمريكية المتمحورة حول مبدأ (القوة فوق الحق) و الإمبراطورية الأمريكية لا تقبل التنازل عن مكانتها في الحكم و السيطرة على العالم.
موقع القضية الفلسطينية في أجندة “ترامب”
بالعودة إلى مسلسل الأحداث المرتبطة بالقضية الفلسطينية منذ حرب أكتوبر 1973 التي كانت نتائجها كما يعرفها الجميع بالنسبة للقضية الفلسطينية، و خاصة بعد حرب لبنان عام 1982 و طرد منظمة التحرير الفلسطينية منه يمكن أن تُسْتَشفَّ النوايا الحقيقة للولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذه القضية.
لقد منحت الولايات المتحدة الأمريكية دولة الكيان الصهيوني كل الإمكانيات المادية و المعنوية و فتحت لها المجال واسعا لتحقيق كل أهدافها الاستعمارية التوسعية، سواء في فلسطين أو في المنطقة العربية من خلال تمكينها من اختراق كثير من الأنظمة العربية و جعلها مقتنعة بضرورة التحالف معها في مواجهة عدو وهمي لها هو المقاومة المؤيدة من طرف نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل وصل الأمر إلى استدراج منظمة التحرير الفلسطينية نفسها إلى ما آلت إليه أوضاعها حاليا بعد تشكيلها للسلطة في منطقة محدودة جدا في الضفة الغربية تسهل عملية خنقها في أي وقت تشاء أو تفرض عليها شروطها التعجيزية.
للقضية الفلسطينية الآن طريق واحد ليس أكثر هو تفعيل نشاطها الدبلوماسي للكفاح الطويل للوصول إلى إقناع العالم للاعتراف بدولتها وفق الحدود الجغرافية لما قبل 4 جوان 1967، و هذا المسعى لا يمكن نجاحه دون إنهاء النزاع الفلسطيني الفلسطيني بين فتح و حماس و إقناع الدول العربية المجاورة كمصر و الأردن لتنسيق المواقف مع السلطة الفلسطينية في كل الخطوات القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى