جمعية الإشعاع الثقافي بالتعاون مع مركز الشهاب التابع لجمعية العلماء تقيم ملتقى الشيخ أحمد إقروفة العيدلي
احتضنت الولاية المجاهدة سطيف والأربعين لوفاة علَم من أعلام الجزائر، وهو الشيخ أحمد إقروفة (المتوفى سنة ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين)، الذي ولد شهر مارس (ألف وتسعمائة وتسعة عشر) بقرية تمقرة ناحية أقبو ولاية بجاية، وهي بلدة طيبة لها تاريخ عريق في العلم والجهاد، وقد احتضنت أولى الزوايا المؤسسة في حوض الصومام خلال القرن التاسع الهجري.
الملتقى بادرة من واحد من طلبة الشيخ وهو الأستاذ بن شرنين عبد العزيز رئيس ملتقى وطنيا تخليدا للذكرى الواحدة
جمعية الإشعاع الثقافي بالتنسيق مع جمعية الإخاء العلمي والثقافي، ومركز الشهاب للدراسات الإسلامية التابع لجمعية العلماء المسلمين، التابعين جميعا لبلدية سطيف، وقد حضر هذا الملتقى إضافة لعائلة الشيخ جيل من خريجي معهد سيدي يحيى العدلي، حيث تلقوا تدريسهم على يد الشيخ أحمد إقروفة، الذي يعد شخصية فذة، وموهبة ربانية، برع في شتى علوم الشريعة، وخاصة اللغة العربية، فقد كان يناظر أساتذة الأزهر الذين استقدموا بعد الاستقلال للتدريس بالمعهد ويفحمهم بالحجة.
رجل عصامي له في كل مضرب جولة، وفي كل موضع صولة، فهو الأب المربي ، والأخ الناصح، والشيخ المعلم، إن عجز البعض عن تربية أنفسهم، أو أهليهم فقد وفق هو في تربية أمّة بشهادة السادة الدكاترة والشيوخ المحاضرين، والحضور الذي أدى بشهادته، ولعل أبرزها شهادة الشيخ أيت علجت صالح نجل الشيخ أيت علجت الطاهر-حفظهما الله- فقد نوه في كلمته بقوة شخصية الشيخ أحمد إقروفة-رحمه الله-، وهيبته وشجاعته في قول الحق، فقد قضى الراحل والشيخ أيت علجت (الأب) سنوات معا جنبا إلى جنب تدريسا وعمارة للمعهد الذي كان يقصده الطلبة من كل جهات الوطن، خاصة القرى والولايات المجاورة لبلدية تمقرة، وكان في أوج عطائه بعد الاستقلال تحت إدارة وإشراف أحمد إقروفة، وصدق المثل القائل:” تقوم الأوطان على كاهل ثلاثة: فلاح يغذيه، وجندي يحميه، ومعلم يربيه”.
وأضاف الأستاذ أيت علجت صالح-وهو واحد من طلبة الراحل- في كلمته الطيبة شهادة حية عن موقف الشيخ من الاتجاهات السياسية للقادة قبل الثورة قائلا:” لم يكن الشيخ أحمد متحزبا بل كان يقول حزبي هو حزب الستين(يعني القرآن)، وحزبي هو زاويتي، وحزبي هو وطني”.
كان للدكتور نذير حمادو في الجلسة الافتتاحية جولة في بيان فضل العلم وأهله وأجرهم ودورهم في حفظ الدين والوطن ورفع مقام الأمة، مستشهدا بعدد من نصوص القرأن والسنة، وكفى الأمة الإسلامية فخرا أن أول أية أنزلت جاء فيها الأمر بالقراءة(ليتنا فقهنا هذا الأمر اليوم)، فالعلم كما قيل يرفع بيتا لا عماد له، والجهل يهدم بيت العز والشرف.
ثم تعاقب عدد من الأساتذة والمشايخ على المنصة مستعرضين مناقب ومآثر الشيخ وذكرياتهم معه في الأربعينيات والستينيات من القرن الماضي، منهم صهره الأستاذ أيت مهدي محند البشير، والأستاذ صادق حموش.
في حين انصبت المداخلات المبرمجة لليوم الموالي على إبراز دور الزوايا التربوي والاجتماعي والجهادي، وكانت زاوية سيدي يحي العيدلي- التي تخرج منها الشيخ أحمد إقروفة ومولود قاسم نايت بلقاسم والدكتور محمد الشريف قاهر، و العقيد محمد الطاهر بوزغوب والعقيد الطاهر زقرور…- أنموذجا تناولتها الدكتورة إقروفة زبيدة من خلال مداخلتها، وتم التطرق كذلك إلى موضوع ذو أهمية وهو أسباب عزوف شباب اليوم عن التعليم القرآني بالزوايا كسابق عهدها، كان موضوع مداخلة مشتركة بين الدكتور الصالح بوعزة والدكتورة صليحة بن سبع.
وكان فضيلة الشيخ عثمان أمقران نجم الملتقى الذي شنف الحضور بلغته الراقية، وأسلوبه المرح، ونورانية كلماته، مداخلة حول فضل الإنفاق على القرأن وأهله، أما دعاءه عقب انتهاء أشغال الملتقى فقد كان بلسما أحي به القلوب، وأبكي به العيون، جزاه الله خير الجزاء.
جرت أشغال هذا الملتقى بالمركز الثقافي الإسلامي ببلدية سطيف على مدار يومين كاملين، وكان فرصة لاجتماع أحباب وزملاء من مختلف الولايات ومن مختلف التخصصات بعد فراق طال أمده، واختتمت أشغاله بجملة من التوصيات لعل أهمها، الاستمرار في إحياء وإبراز علماء الجزائر المغمورين وتدوين سيرهم ومناقبهم ليستلهم منهم شباب الجزائر اليوم العبر والقدوات، ويعتز بتاريخه بدلاً من أن يلهث شرقاً وغرباً، ليستورد أفكاراً ويتغنى بأشخاص ألفوا وأفتوا لأزمان وبيئات وأعراف لا تمت بصلة لخصوصيات المجتمع الجزائري.
د/إقروفة زبيدة – أستاذ بجامعة بجاية