مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

منطق تدبير الاختلاف من خلال أعمال طه عبد الرحمن لـ أ.د. حمّو النقاري

صدّر الكتاب بمقدّمة تذكّر بموقع الإنسان في المجال الاجتماعي، وتبعية الإنسان لمجاله الاجتماعي من جهتين: تبعية نسبية أصلية، وتبعيّة نسبية فرعية، ففي التبعية الأولى هي الإتباع الواجب لجماعة في مُجمع عليه بوجه من الوجوه، والثانية تبعية ملحقة بالتبعية الأصلية فيها نوع من اختيار انتماء لجماعة داخل الجماعة الأصلية. وأن طه عبد الرحمن إنسان من جماعة أصلية هي إسلاميّته وعربيّته، ثم هو من جماعة الفلاسفة الجماعة الفرعية، فكان جامعاً بين تبعيتين باعتباره ظهوراً فريداً للجمع بين انتمائين لم يستطع كثير غيره الجمع بينهما.
على إثر نوعي الانتساب الذين جاء طه منهما، انتصر للتجربة الروحية الأعلى والأشمل من النظر المجرد والنظر المسدد، وانتصر لكثير مما حُطِّ من قِبل غيره ممن جهل مجال الانتساب الأصلي، وجدد وفق مقتضيات الازدواج بين الانتسابين.
ثم ثنّى بالفصل الأول: “معالم منطق الاختلاف العامة”، قائلا: “استمددت مادته من أدبيات الحجاج ومنطقياته الغربية المعاصرة وأدبيات المناظرة ومنطقياتها الإسلامية العربية القديمة”، وبعد أن أبان مختصراً لهذه الأدبيات وصلها بنقلة استشكالية إلى سؤال: كيف يكون الضبط الأخلاقي لتدبير الاختلاف في أفق التعاون؟ وهو سؤال مآل هذه الأدبيات، والذي سيُرفع عن طريق الوصل بجواب د. طه عبد الرحمن في الفصل التالي والتمييز بين مرتبتين من الحوار بين “التعاون” و”التعارف”.
وثلّث بالفصل الثاني: “من أجل تخليق منطق الاختلاف”: وهذا الفصل هو الجواب عن السؤال الذي آل إليه النظر في أدبيات الاختلاف، فقسّم الفصل إلى تسعة مباحث، أولها: بيّن طبيعة الاختلاف للكلام، وثانيها: الحوار الاتفاقي والحوار الاختلافي، وثالثها: ثقافة الحوار ثقافة نقد، فأظهر من خلالها مفهوماً تجديدياً للنقد عند د. طه عبدالرحمن، وربّع بـ : درجات الاختلاف، وخمّس بـ: مجالات الاختلاف: المدركات، الأحكام، القيم، وسدّس بـ: من الاختلاف الصّلب إلى الاختلاف اللين، وهو انتقال عبر مفهومين إجرائيين هما: “التعاون” و”التعارف” يندرج تحتهما عمل مختلف في الرتبة والنوع لاختلاف الارتباط بالقيم المقصودة، ومن الأدنى “التعاون” إلى “الأعلى” يتحقق الجواب، وسبّع بـ : النظر العلمي في مفهومي “الدليل” و”الحجّة” باعتبارهما من مرتكزات الحوار، مناقشاً تحته مصادر المعرفة، وتكثيرها عند د. طه عبد الرحمن، ثم أتبع ذلك بتجديد د. طه عبد الرحمن لوضع قاعدة “تحسين الفائدة” في مجال كيفية بسط المضمر أثناء التدليل، فتؤول المباحثة إلى اعتبار شرط العمل مقوّماً ووازناً للكلام أثناء التدليل، وأيضاً في النظر وتقويم الحجج من خلال تطوير أنواع الحجج، ورفع “الحجة المُقوَّمة” إلى أعلى المراتب وإدخال الاعتبارات الخلقية والقيمية فيها بإقرار عمليّة الحجّة. ثم ثمّن بـ : النظر العملي في مسألة “التواصل الإنساني” وهو نظر مبني على الأخلاق، ثم وصله بمبحث تاسع أخير مهم وهو: أصول تديين تدبير الاختلاف وتخليقه، إذ أن الدين أخلاق، وأن التدبير الأخلاقي تدبير ديني، فبنى الباب على إعادة مفهوم الإنسان التجديدية التي أظهرها د. طه عبد الرحمن في أكثر من كتاب له، وأيضاً قام د. حمّو النقاري بتطبيق رؤيته على إشارة نموذجية لمقتبس من كتاب “روح الدين” لطه عبد الرحمن، مقتبساً حاجة للحوار أملاها الحق.
ثم ربع بخاتمة ذكر فيها أهم النتائج التي توصّل إليها، ألحق بها المراجع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى