مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

ربيع مصر الجديد

ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة من التقارير الغربية، التي تبشرنا بربيع عربي جديد، بعد فشل ربيعهم الأول، ومصادرة نتائجه لصالح الثورات المضادة، وبعد أن أيقن الناس ألاّ جدوى من هذه الثورات التي تفتح أبواب الشرِّ على مصرعيها، وتدفع بمنطق الفوضى، بل وتعيد للاستبداد سلطانه المطلق، وإذا كانت الثورات السابقة التي استطاع الغرب ومشروعه الاستعماري، تأطيرها واستثمارها لصالح مشروعه في المنطقة، فكيف بثورة هو من يبشرنا بها؟، لا شك أن مراكزه الاستراتيجية ومخابره السياسية، درست وبتمعن جدوى هذه الثورات الجديدة، وسيكون له اليد الطولى في توجيهها الوجهة التي تخدم مصالحه.
بالرغم من وقوف الغرب مع الانقلاب في مصر، إلاّ أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يحظى بأيّ تقدير واحترام في الأوساط الدبلوماسية الغربية، وقد أظهرت الكثير من الفيديوهات مواقف استهزاء وعدم احترام للرجل من طرف ساسة غربيين في لقاءات واجتماعات دولية، وهو عكس ما كان هؤلاء الساسة يقابلون به الرئيس المنتخب محمد مرسي، من تقدير واحترام وندية.
لقد أدركت الإدارات الغربية أن السكوت عن الحالة المصرية، والسعي لإبقاء اللاشرعية في الواقع السياسي المصري، لا يمكنه الاستمرار، فالشعب الذي تغاضى عن حالة الانتكاسة والتراجع نحو الدولة العميقة والاستبداد، لا يمكنه السكوت والتغاضي عن الوضع الاقتصادي المزري، الذي لم تعرفه مصر من سنين طويلة، لذا يرى –الغرب- أن التغيير في مصر ضروري، لكنه متخوف من ثورة شعبية عارمة قد تسقط النّظام وتوابعه، وربما تدفع بالبلاد إلى وضع أمني خطير، وهو ما لا يريده الغرب، خصوصاً وأنّ مصر لها حدود مع دولة الكيان الصهيوني، فالغرب يريد الاستقرار في مصر حفاظاً على أمن إسرائيل، لكنه لا يريد -أيضاً- أن يصل إلى الحكم نظام إسلاميّ يعادي إسرائيل، وهذا ما يفسر وقوفه إلى جانب الانقلابيين، ضد حكم الإخوان، وسكوته عن تلك الجرائم البشعة التي ارتكبها قادة الانقلاب في حق الشعب المصري الأعزل الذي كان يملأ الساحات دفاعاً عن الشرعية، واليوم وهو يبشرنا بموجة ثورات ستجتاح المنطقة العربية، يريدنا أن نستوعب منطق سياسته الجديدة في المنطقة، وهي البحث عن نظام أقل وطنية وأقل –أيضا- استبدادا، فالنظام المصري الحالي، وفي كثير من التقارير، لم يعد مقبولاً في الداخل المصري، وعند صناع القرار الدولي، لذا وجب البحث عن صيغة جديدة لإعادة إنتاج النّظام القديم، لكن بمواصفات مقبولة شعبيا، وليس كما هو الحال الآن مع نظام السيسي، الذي فقد كلّ أشكال الدعم والمساندة، حتى من أقرب المقربين من الأحزاب والمنظمات المدنية.
يبقى أن نذكر أنّ حركة الإخوان، بالرغم من أنّها خسرت الكثير، وتحملت أخطاء الجميع، إلاّ أنّ وضعها السياسي، وفي أي تحول جديد لن يكون أحسن مما هي عليه مع النظام الانقلابي الحالي، هذا ما تريده الإرادة الدولية، فلن يسمح لها -على أقل تقدير في هذه الظروف- أن تستلم السلطة في بلد محور وهام كمصر.والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى