اللهم إنا نعوذ بك من الشياطين الذين يتسترون بلباس الدين… بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي

إنَّ من أشد النَّاس إفساداً للدين، وأكثرهم فتكا بالمسلمين، هم الذين باتوا أسارى مذهبهم الديني، وانتمائهم الطائفي، فهم يأتون ما يأتون، ويقترفون ما يقترفون، من الفظائع الموبقة، والمناكر الشنيعة، على أنها قربات يتقربون بها إلى الله تعالى، وذلك ما يفسر عدم تورعهم عن قتل النساء والأطفال والشيوخ، وتلذذهم بالتعذيب، وتمثيلهم بجثث القتلى، مثل ما حدث مع الطفل العراقي ذي الثلاثة عشر سنة الذي لم تكتف المليشية الشيعية بإطلاق الرصاص على رأسه، وإنما سحبوه على الأرض، وانهالوا على جثمانه ضربا بالأرجل وأعقاب البنادق، ثم رموه تحت مجنزرة لتفرمه فرما، وهذا الفعل الذي اقترفته المليشية الشيعية لا يستقبح ولا يمج، لأنه صدر عنها هي بالذات، وإنما يبقى مستقبحا وممجوجا حتى إن اقترفته أي طائفة كانت شيعية أم سنية، مسلمة أو غير مسلمة، وذلك لأنه فعل مناف لجوهر الدين، ومناقض للخلق الكريم، بله أن يقارفه من يزعمون انتماءهم إلى الإسلام، ويدّعون غيرتهم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأحفاده، ويتناسون أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، قد نهى عن التعرض بالقتل للنساء والأطفال والشيوخ في الحرب، ونهى عن هدم البيع والصلوات، وقد أثر عنه عليه صلوات الله وسلامه، أنه نهى عن التمثيل بالقتلى، فكيف بهؤلاء الذين يخالفون أمره ويعارضون نهجه، وهم يدعون حبه؟
إن ما شابه هذا الفعل من الأفعال، ليس من الدين في شيء، وإن ظنوه كذلك، لأن القصد من الدين هو منع التظالم بين الناس، والحيلولة بينهم وبين الإفساد في الأرض، وترك الناس وما فرّغوا أنفسهم له من عبادة وإن خالفون في الدين، فكيف بهم إذا خالفون في المذهب والطائفة فقط، فذلك ما يشهد به منطوق قوله تعالى فيما جاء في الآية (40) من سورة الحج:” وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (.
إنّ هذا الضرب من الناس هم الذين يسيئون إلى الدين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ذلك لأنهم يقبحون الدين للناس، وينفرونهم منه بما يرتكبون من أفعال دنيئة باسم الدين، وهو منها براء.
وإنا لنتساءل باستغراب عن علماء الشيعة الذين لا ينكرون على مرتكبي هذه الأفعال بحق المستضعفين من النساء والرجال والولدان، بل إنهم ليباركونها ويشجعونهم عليها؟
وإنا لنتساءل باستغراب من الحلفاء وفي مقدمتهم أمريكا الذين تجمعوا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام، بحجة أنه تنظيم وحشي همجي، يستبيح قتل الأبرياء من الناس، ولا يرون بأسا بما ترتكبه المليشيات الشيعية، في حق الأبرياء من الطائفة السنية؟
ثم إنا لنتساءل عن صمت الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن ممارسات غير المقبولة بالكلية للطائفة الشيعية فيما يدور من معارك في العراق هذه الأيام، وعدم التدخل لدى الحكومة العراقية لحملها على كبح جماح المليشيات المتطرفة هناك.
أعتقد أن الوقت قد حان لكي تدعو منظمة المؤتمر الإسلامي لمؤتمر عام،لحمل قادته على وضع حد لهذه المجازر التي ترتكب باسم الدين، التي لا يكتوي بنارها إلا المسلمون، ولا يستفيد منها عاجلا أو آجلا إلا أعداؤهم. فهل تستجيب لهذه الدعوة قبل أن يسبق السيف العذل ويصبح الجميع في خبر كان…؟