مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

أمريكا تنتخب ،والعالم يصاب بالصداع – بقلم عبد الحميد عبدوس

في مشهد هو أقرب ما يكون إلى مسرح اللامعقول، خابت اغلب استطلاعات الرأي وتوقعات أكبر الإعلاميين في أمريكا بخصوص نتائج الانتخابات الرئاسية وصدق تنبؤ القرد الصيني بخصوص فوز الملياردير الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذي حصد أكثر من 276 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي متقدماً على منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون بفارق كبير،(218 صوتا)، ففي الوقت الذي كانت فيه كافة استطلاعات الرأي ترجح كفة هيلاري كلينتون، ظهرت في التلفزيون الصيني يوم الخميس 3 نوفمبر2016 (قبل5 أيام من عملية التصويت) صور ثابتة لقرد يرتدي قميصاً كتبت عليه بالأحرف الصينية عبارة “ملك التوقعات” وهو جالس بين مجسمين من الورق لمرشحي الرئاسة في الانتخابات الأميركية دونالد ترامب وهيلاري كلينتون ثم قبَّل القرد صورة ترامب مختاراً إياه كرئيس قادم للولايات المتحدة.!!
لقد أصبح دونالد ترامب رسميا الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، خلفاً للرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما الذي يغادر منصبه شهر جانفي المقبل، بعد ثماني سنوات قضاها في البيت الأبيض. ولكن نتيجة الانتخابات مازالت تشكل صدمة للكثير من المواطنين الأمريكيين الذين فضل بعضهم التظاهر في الشوارع الأمريكية رفضا لقيادة ترامب للولايات المتحدة اكبر وأقوى دولة في العالم.
ومن الملفت للانتباه أن الغرائبية السياسية التي تمخضت عن الانتخابات الأمريكية الأخيرة، كانت قد أثيرت في مسلسل كارتوني كوميدي بعنوان: “عائلة سيمبسون” حيث تنبأت إحدى حلقات المسلسل الشهير قبل 16 عامًا بأن يصبح رجل الأعمال المثير للجدل، دونالد ترامب، رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل. واعتبر كاتب هذه الحلقة أن تقلد الملياردير ترامب لأهم منصب على سطح الكوكب، جاء في إطار كتابة قصة عن “حالة الجنون التي ستنتاب أميركا”.
يمكن القول حاليا أن “الجنون” الذي انتاب أمريكا قد أصاب جهات وحكومات وقطاعات كثيرة في العالم بحالة من الرعب والترقب الحذر من التوجه الجديد الذي ستسير فيه السلطة الأمريكية الجديدة المتسمة بسيطرة الجمهوريين على دواليب الحكم وعودة تيار المحافظين الجدد إلى الواجهة السياسية ،حيث مكنت الانتخابات الأخيرة الحزب الجمهوري من بسط سيطرته على البيت الأبيض والكونغرس في الوقت نفسه، (السلطة التنفيذية والتشريعية) فقد حصد الجمهوريون 240 مقعدا في مجلس النواب مقابل 195 للديمقراطيين، وفي مجلس الشيوخ نال الجمهوريون 53 مقعدا، بينما حصل الديمقراطيون على 45 مقعدا. ويعني هذا ا أنه سيكون من السهل على ترامب تمرير التشريعات التي يقدمها للكونغرس.
وإذا كان فوز دونالد ترامب قد شكل مفاجأة سارة لقادة بعض الدول على غرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوري حافظ الأسد، وكذلك لقيادات اليمين المتطرّف المعادية للمهاجرين والمسلمين في أوروبا، حيث عبر غيرت ويلدرز زعيم حزب الحرية اليميني العنصري المتطرف في هولندا عن سعادته بفوز ترامب وكتب على تويتر، “الأميركيون يستعيدون بلدهم”.، وزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان في فرنسا، المعادية للمهاجرين والمسلمين التي كتبت على تويتر، “تهانيّ للرئيس الجديد للولايات المتحدة، دونالد ترامب، وللشعب الأميركي.. الحر”، فإن أغلب دول العالم وحتى حلفاء الولايات المتحدة شعروا بالقلق والتوجس من توجهات الرئيس الأمريكي الجديد، ولذلك أعتبر الرئيس المنتهية عهدته أنه من الضروري القيام بزيارة قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين لتطمينهم على مستقبل العلاقات بين دولهم والولايات المتحدة.، ولكن اكبر المتضررين من سياسة دونالد ترامب حسب خطابات حملته الانتخابية ، وبغض النظر عن تنظيم “داعش” الإرهابي الذي توعد بالقضاء عليه، ستكون الدول العربية والإسلامية ، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، فقد لجأ ترامب خلال اللقاءات الصحفية إلى تهديد السعودية ودول خليجية بالعقوبات المالية في حال عدم إرسالهم قوات برية لمقاتلة تنظيم “داعش”.
كما سيتعرض المهاجرون والفقراء في أمريكا إلى المزيد من التضيق والمصاعب، أما المسلمون بصفة عامة فقد تعهد بمنع دخولهم إلى الولايات المتحدة في حال فوزه بالرئاسة، ورغم أن رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال أشاد في مقابلة مع قناة (سي.إن.بي.سي) بترامب لحذفه اقتراحه حظر دخول المسلمين لبلاده من على موقعه على الإنترنت إلا أن الروابط الخاصة بمقترحات ترامب السياسية بما في ذلك حظر دخول المسلمين عادت للعمل مرة أخرى بعد يومين من ظهور نتيجة فوزه بالانتخابات الرئاسية.
هل يعتبر انتخاب دونالد ترامب لقيادة الشعب الأمريكي لأربع سنوات قادمة تعبيرا عن نزعة التعالي والغطرسة الأمريكية التي لا تقيم أهمية لمشاعر بقية العالم حتى ولو كانوا حلفاء ،حتى لو أدى الأمر إلى انتخاب رئيس لا يفرق بين إيران والعراق كما قال الرئيس باراك أوباما ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى