مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
قضايا الأمـــة

لنعيد النظر فيما يتهددنا من خطر… محمد العلمي السائحي

إن العرب اليوم أحوج ما يكونون لإعادة النظر ومراجعة حساباتهم، حول ما تتعرض له بلدانهم في مشارق الأرض ومغاربها، من فتن واضطرابات وحروب، إذ يبدوا أن كل ذلك مرده إلى تدبير قوى أجنبية عن المنطقة، وهذه القوى تعمل جاهدة لتوهين قوة هذه البلدان، حتى تحول بينه وبين اكتساب وسائل وأدوات القوة والمنعة، لأنها ترى في ذلك تهديدا لسيادتها على العالم، وخطرا يهدد هيمنتها عليه، ولذلك نراها تنتهز الفرص وتستغل الظروف لتأجيج الاضطرابات، وبعث الفتن، وإثارة الصراعات، وغايتها من ذلك أن تحرم هذه البلدان من الاستقرار الذي يمكنها من التفرغ لتنمية اقتصادها، وتحسين أوضاع شعوبها ومجتمعاتها، حتى تبقى في حال من الضعة والهوان تضطرها الخضوع إلى إملاءاتها، وتسليم قيادها إليها.
وإن مما يؤكد ما نذهب إليه أن أمريكا كانت وراء غزو العراق للكويت حتى تُوهم أنظمة الحكم في تلك المنطقة أن العراق يشكل خطرا عليهم فيلجؤون إليها لحمايتهم منه، في حين أن الحقيقة أن أمريكا التي استعانت بالعراق للتصدي للثورة الإيرانية، التي كانت ترى فيها خطرا يتهدد مصالحها في الشرق الأوسط، كانت تهدف إلى تدمير القوة العسكرية للعراق وكبح التقدم العلمي الذي بدأت تباشيره تظهر واضحة للعيان، وقد ر أينا كيف أن بول بريمر بادر بحل الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي للعراق، وما رافق ذلك من عمليات الاختطاف والتصفية لعلماء العراق.
وإن مما يؤكد ما نذهب إليه مساهمة أمريكا في تعفين الوضع في مصر وفي غيرها من البلاد العربية الأخرى، وقد جاء في بعض الكتابات أن الشباب الذين ساهموا في الدعوة إلى رحيل “حسني مبارك” عن طريق الفيس بوك، قد تلقوا تكوينهم في أمريكا بالذات. ونحن إذ نقول ذلك لا نرمي إلى التشكيك في ثورة الربيع العربي، خاصة انطلاقتها في تونس على وجه التحديد فتلك كانت ثورة أصيلة لا غبار عليها، وإنما نعني ما أعقبها من ثورات في البلاد العربية الأخرى التي ركبتها قوى معارضة مقيمة بالخارج كانت تنفذ أجندات الدول الأجنبية التي احتضنتها.
وإن مما يؤكد ما نذهب إليه، انقضاض الحلف على ليبيا وتدميرها ولا زالت أصابع هذه القوى الأجنبية واضحة في مايجري فيها اليوم من صراعات وتقاتل على السلطة.
وإنه لمن المؤكد أن هذه القوى ترى في العرب على وجه الخصوص عدوا يجب تصفيته والتخلص منه بأي ثمن، يؤكد ذلك الحرب الدائرة في العراق وسوريا، تلك الحرب التي تتكشف يوما بعد يوم على أن هدفها الأساسي هو التخلص من العنصر العربي على وجه التحديد، بدليل أن لهيبها لم يطل الأعراق والطوائف الأخرى.
وإذا سألنا أنفسنا لماذا تريد هذه القوى الأجنبية تصفية العنصر العربي بالذات؟ فإن الجواب هو، أن هذا العنصر على وجه التحديد، هو الذي اضطلع على مر التاريخ على حمل لواء المقاومة للهيمنة الأجنبية على المنطقة، وهو الذي تصدى بشراسة للاحتلال الإنجليزي والفرنسي والأمريكي، ولذلك يراد اليوم تصفيته والتخلص منه.
والسؤال المهم في الموضوع هو: كيف للعرب أن يتصدوا للخطر الذي بات يتهدد وجودهم؟ والجواب هو أنه لاسبيل لهم إلى ذلك إلا باتحادهم وتآزرهم، وهذا يفرض عليهم تصحيح وضع الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي وأن يوظفوا هذه المؤسسات بطريقة استراتيجية تضمن لهم الإفادة الحقيقية من إمكانيات الدول العربية مجتمعة لمدافعة هذا العدوان وحماية الوجود العربي من هذا التغول الأجنبي …فهل هناك من أذان صاغية؟ وقلوب واعية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى