كلمة حق: السيرة النبوية وكتابتها

افتتح ملتقى في مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي بالأردن، برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الهاشمية الأردنية، ورئاسة الأمير غازي بن محمد المعظم، وكان موضوع الملتقى “السيرة النبوية وجدول أحداثها” زمانياً ومكانياً.
وتناول الباحثون مشروعاً أعدّ في هذا السبيل، كما عالجوا المنهج الذي ينبغي سلوكه في كتابتها، وذلك بالجمع بين المنهج التاريخي النقدي ومنهج المحدثين، الذي يعتمد على ما صح من الأحاديث الشريفة، وتصفية بعض كتب السيرة من الروايات الضعيفة والموضوعة، وذلك بأسلوب علمي ميسر ليستطيع الشاب المسلم أن يقرأ السيرة النبوية في صورتها الحقيقية، باعتبار النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لكل مسلم ومسلمة في شؤون حياته الدينية والدنيوية، كما ورد في القرآن الكريم ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب/21].
والقرآن هو المصدر الأول لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه ولينه، ومعاملته للناس، فهو قدوة للأزواج، وقدوة للأبناء والبنات، والكبار من الرجال والنساء، والحمد لله فإن الأوائل سجلوا لنا هذه السيرة في جميع جوانبها.
وهو الرسول الوحيد الذي حفظت سيرته وأحداثها، وسجلت من صغيرها إلى كبيرها، ولذلك يمكن الاقتداء به، أما الرسل الآخرون فلا يعرف عنهم عن يقين إلا ما ورد في القرآن من بعض صفاتهم.
كتب الكثير عن السيرة والشمائل، وقد عني كثير من هذه المؤلفات بالغزوات، أكثر ما عنيت، فقد آن الأوان أن يعنى بحياة الرسول في جميع جوانبها، مفصلة بطريقة علمية موضوعية، بالاعتماد على ما صح من المصادر والروايات، وقد كتب نموذجا من هذا الأستاذ المؤرخ أخونا الدكتور أكرم ضياء العمري المؤرخ العراقي، معتمداً على السنّة الصحيحة، وما صح من روايات المؤرخين التي تستكمل بعض الفراغ مما لم يرد في كتب السيرة، وقد أشار الدكتور بشّار المؤرخ المحدّث إلى الإمام الذهبي فيما كتبه عن السيرة ونقد بعض الروايات، كما قدم الدكتور أحمد مطلوب نموذجاً لمعالم السيرة النبوية.
إن شبابنا في حاجة اليوم إلى كتابة السيرة كتابة معاصرة واضحة وقائمة على ما صح من المصادر والروايات.
وما كتبه الشيخ الغزالي رحمه الله والشيخ البوطي تغمده الله برحمته في هذا خطوة في فقه السيرة، وما أقامه الشيخ إبراهيم الأنصاري القطري من مركز للسير والسنّة، وهو مركز مهم، ولكن لا ندري اليوم مصيره الذي كان تحت إدارة الشيخ القرضاوي حفظه الله.
والذي ينبغي أن نشير إليه أن الأستاذ الدكتور أبا عبد الله غلام الله رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، ألقى كلمة باسم الوفود في حفل أقيم في القصر الملكي بحضور جلالة الملك، أشاد فيه بهذا الجهد وبرسالة عمان للتعايش السلمي بين الأديان والأوطان، ونحن نعمل بإذن الله لتعليم السيرة لأطفالنا في المدارس بطريقة ميسّرة.