تعليل لا يهدف إلا للتضليل والتمكين لهيمنة الدخيل…
بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي
إن الحرب التي تقودها أمريكا وروسيا وحلفاؤهما، في كل من العراق وسوريا، واليمن وليبيا، تحت ستار محاربة الإرهاب، والتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، لا ترمي في حقيقتها إلا إلى التخلص من العرب وتطهير المنطقة منهم، وذلك لأسباب منها:
ــ أن بلادهم هي موطن لحضارات عريقة تستفز ساكنيها لبعث أمجادهم، وتحملهم على رفض الخضوع للأجنبي، وتسليم قيادهم إليه، ولأن الغرب عامة وأمريكا خاصة يهدفون إلى القضاء على كل الحضارات الإنسانية الأخرى لتسود حضارتهم ويستتب الأمر لهم وحدهم.
ــ أن بها مخزون هائل من الثروات الباطنية، يعولون عليه في إنعاش
صناعاتهم، وتنمية اقتصاداتهم، وضمان استمرار رفاههم الاجتماعي.
ــ أن بلادهم تحتل موقعا استراتيجيا هاما يشكل جسرا يصل بين مختلف القارات، يؤثر على الحركة التجارية العالمية.
ــ والسبب الأهم أن بلادهم هي مهد الإسلام، وبها كل رموزه ومقدساته وهو الدين الذي يحث أتباعه على مقاومة الطغيان، والتصدي للعدوان ورفض الخضوع إلا للرحمان، فهو إذن الدين الذي يقف حائلا دون طموحاتهم وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى احتلال البلاد، واسترقاق العباد.
وإذن فإن الحرب الدائرة في العراق وسوريا، واليمن وليبيا، مهما اختلفت شعاراتها وسواء كانت حربا يقودها الغرب مباشرة كما هو الحال في العراق وسوريا، أو حربا بالوكالة كما هو الشأن في اليمن وليبيا، لا هدف آخر لها، سوى القضاء على العرب والإسلام حتى يخلو لهم الجوفي المنطقة، والتعليل بمكافحة الإرهاب إن هو إلا تضليل يراد منه تمكين الدخيل من العودة إلى المنطقة والاستقرار فيها وحكمها حكما مباشرا، كما كان العهد في الماضي.
والدليل على ذلك ما يتردد من كلام عن أن أمريكا عازمة على ترك قوات لها في الموصل بعد تحريرها ـ على حد زعمهم ـ من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، والدليل الآخر أن روسيا تسعى لأن تكون لها قواعد بمصر وليبيا، والدليل الثالث أن أمريكا أقامت لها قاعدة للطائرات بدون طيار في النيجر وتونس على الحدود الجزائرية، وهذا لا معنى آخر له إلا أن الغرب يعمل جاهدا للعودة بالمنطقة العربية إلى الماضي، إلى عهد الاحتلال المباشر.
والدليل الأهم من كل ذلك، أن تنظيم الدولة الإسلامية هو من صناعتهم هم بأنفسهم، فهم الذين دربوا رجاله وصنعوا قادته، وأمدوه بالسلاح والمال، وهيئوا له المناخ الذي يظهر فيه، بل يسروا له السيطرة على منابع النفط، ليضمنوا له الموارد المالية التي تعينه على التشييد والتجنيد والتحشيد، ليتحول بعد ذلك إلى وحش مرعب رهيب، يخيف البعيد والقريب، وذلك ليبرروا للعالم دخولهم إلى المنطقة بحجة محاربة هذا التنظيم، في حين أن الهدف الحقيقي لهم هو العودة إلى المنطقة وحكمها حكما مباشرا أو بوكالة إيرانية وكردية، فهلا استفاق العرب، وأعلنوا الثورة والغضب…؟