مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

هموم المسلمين في الغرب في ظل الأحداث الدامية التي عصفت بشعار “فلنعش معا”

تمهيد
سوف تقوم جريدة “البصائر” الغراء بنشر سلسلة من المقالات، والدراسات تسلط فيها الضوء على الأجواء التي تسود الساحة الإسلامية في الغرب منذ أحداث 7جانفي، و13نوفمبر2015 –بفرنسا وما أعقبها من أحداث دامية ألقت بأثقالها على الساحة الإسلامية لا في فرنسا فحسب بل في عموم أوروبا الغربية، وأصبح القادة السياسيون في فرنسا يتساءلون أي مكان للإسلام في الغرب وما مكانة المسلمين في هذه الديار؟ وقد وظف اليمين بجناحيه “المعتدل” والمتطرف هذه الأحداث في صالحه. كل أصبح يطالب بإعادة النظر في الوجود الإسلامي في المجتمعات الغربية العلمانية، وغدا الإسلام والمسلمون مثار نقاش وجدال لا يتوقف وقد أسس الفرنسيون مؤخرا مؤسسة تمويل الإسلام الفرنسي في فرنسا من داخل فرنسا وارتفعت أصوات تطالب بوقف التمويل الخارجي في بناء المساجد -وتكوين الأئمة- وطالبوا بضرورة تكوين الأئمة في فرنسا لا خارجها، ولم يعد الأئمة الوافدون من الجزائر والمغرب وتركيا مؤهلين لقيادة الإسلام الفرنسي”، ذلك أن هؤلاء الأئمة في نظر هؤلاء يجهلون جهلا تاما واقع المجتمع الفرنسي من الداخل، وغير قادرين على مخاطبة مسلمي فرنسا باللغة الفرنسية، ويحرص النظار الاشتراكي الحاكم في فرنسا اليوم على بعث إسلام يتكلم اللغة الفرنسية، ويؤمن بالعلمانية وقوانين الجمهورية، حتى يتلاءم مع واقع المجتمع الفرنسي، فقد عمدت الحكومة الفرنسية الحالية إلى تكوين الأئمة وفق ظروف ملائمة لها فعقدت اتفاقا مع معهد محمد السادس في الرباط لتكوين أئمة فرنسيين مسلحين بالثقافة واللغة الفرنسية ليكون هؤلاء الأئمة أئمة المستقبل، كما تفاوض وزير الأوقاف الجزائري مع المسؤولين الفرنسيين بحيث تعهد لهم بأن يتولى معهد الغزالي التابع لمسجد باريس بتكوين أئمة في العقيدة والفقه والسيرة النبوية وعلوم القرآن لتقوم الجامعات الفرنسية بتكوين هؤلاء الأئمة في مجال العلوم الاجتماعية والمؤسسات الفرنسية والعلمانية وتاريخها في فرنسا منذ نشأة العلمانية في هذا البلد في 9ديسمبر 1905، ويطالب بعض قادة الأحزاب ورؤساء المجالس البلدية بتقليص استقبال المسلمين –ذلك أن المسلمين هم رواد الأحداث الدامية- ولم يخف بعض رؤساء البلديات من عنصريتهم إذ رحبت بعض البلديات باستقبال المزيد من اللاجئين من سوريا والعراق شريطة أن يكون طالبو اللجوء من ديانة مسيحية، وهو موقف عنصري كشف عنه بعض رؤساء البلديات في بعض المناطق الفرنسية، وقال البعض من هؤلاء إن الإسلام لا يتطابق مع قيمنا ونمط عيشنا، فالمسلمون في فرنسا إذا أرادوا أن يتعايشوا مع باقي المجتمع عليهم أن يتخلوا عن بعض مواقفهم مثل تعدد الزوجات وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في السياسة والميراث، والزواج بالإكراه، ونرى ساركوزي رئيس حزب الجمهوريين، يسعى جاهدا إلى العودة إلى الحكم، وقد وعد في حملاته الانتخابية أنه في حال عودته إلى الحكم سوف يوقف استقبال عائلات المهاجرين في إطار لَمِّ شمل الأسرة، وهو قانون لا يزال قائما كما أنه سيلغي تقديم وجبات حلال لأبناء المسلمين في المطاعم المدرسية والذي كان معمولا به في السنوات الماضية فرأينا رئيس بلدية “شيلى مازاران” في ولاية 91جنوب باريس بدأ يطبق سياسة ساركوزي بحيث يقدم وجبة واحدة يتساوى فيها أبناء الفرنسيين والمسيحيين بحيث يجد أبناء المسلمين في المطاعم المدرسية الفرنسية أنفسهم مكرهين على أكل لحم الخنزير وهو بالنسبة للمسلمين حرام ، ولا يريد هؤلاء الاعتراف بخصوصيات المسلمين في الدين وقد جعل الساسة الفرنسيون من الإسلام ومكانته في المجتمع الفرنسي محور نقاش لا يتوقف وأصبح الإسلام في فرنسا الخبر اليومي للإعلام الفرنسي ويعد ساركوزي المجتمع الفرنسي بأنه في حالة عودته إلى الحكم في استحقاقات 2017 سوف يمنع الحجاب في الجامعات والمستشفيات والمؤسسات العمومية وذلك بعد منع الحجاب في المدارس والمعاهد الحكومية بدءا من 2004 في عهد شيراك وقد أسفر هذا المنع على طرد 3فتيات مسلمات من إحدى ثانويات كراي كما تم منع بعض الفتيات في أحد المعاهد في الشمال الفرنسي مما اضطر مسلمي الجالية الإسلامية بفتح ثانوية خاصة لاستقبال الفتيات المسلمات اللائي تعرضن للطرد من معاهد ومدارس حكومية بسبب الإصرار على ارتداء الحجاب.
وأطلق على هذه الثانوية اسم ثانوية ابن رشد الإسلامية وتعرضت هذه الثانوية مدة 4سنوات للامتحان من قبل وزارة التربية الوطنية فكسبت الرهان وأصبحت تتلقى دعما من وزارة التربية الوطنية الفرنسية أسوة بالمدارس المسيحية واليهودية، وولدت مؤخرا كلية إسلامية بإدارة د-نور الدين بلحوت، وهو شاب جزائري نشيط استطاع أن يؤسس كلية إسلامية وقد تحدثت عن هذه الكلية في حديث مطول مع مدير الكلية شخصيا ونشر الحديث في جريدة البصائر وكان لنور الدين بلحوت نشاط معتبر في تدريس اللغة العربية في المعهد وقدم مداخلة مفصلة في إحدى ملتقيات المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر سنة 2013 –بفندق شيراطون، حيث كان لي شرف تقديم مداخلة حول السياسة الجزائرية في تعليم اللغة العربية لأبنائها في المهجر وأثير هذا الموضوع مجددا.
وفي الحلقات القادمة سوف نرحل مع هموم الجاليات الإسلامية في الغرب في ضوء المستجدات التي أفرزتها الحوادث الدامية في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، وصعود المد اليميني في هولاندا وموقف المثقفين الفرنسيين من الإسلام والمسلمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى