مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

تعالَوْا نسألكم عن إصلاحات الجيل الثاني…!

%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%a7
قد لا يصدقني أحد إن قلت: نحن معشر دول العالم الثالث نبتعد عن مسار التقدم والتحضر والتطور يوما بعد يوم، بل نحن مصابون بِالتَّوَحُّدِ، لأن المصاب بالتوحد لا يستفيد من أخطائه وأخطاء الآخرين، ولا يتعظ بما يرى ويسمع، ولا يتفادى المخاطر التي حدثت له ولغيره، ولا يقيّــــــم أعماله، ولا يصحّح أخطاءه، ولا يعي ما يجري في الواقع، فهذه الصفات تصدق على إصلاحات الجيل الثاني، والدليل على هذا الوصف تجسده الحقائق التالية:
1. إن إصلاحات 2003 لم تعتمد على تقييم ميداني، ولم يشارك فيها أصحاب الميدان، ولم تخضع للتجربة قبل التطبيق، بل نزلت على المعلمين والأساتذة كالصاعقة في سبتمبر بمناهج جديدة، ومقاربة غامضة ومبهمة ومجملة، ولم يتجرأ أحد على نقدها، لأن الوزارة دأبت على أسلوب التأييد المطلق لها ولمشروعها، وكل من انتقد وينتقد عملها وقراراتها تعتبره من المتخلفين الجامدين. ولكن بعد 13 سنة أعلنت الوزيرة (ابن غبريت) فشل إصلاحات 2003، وضحك الأساتذة الأفاضل على مستوى الطلبة في بكالوريا 2016، وكأن الأمر لا يهمهم ولا يعنيهم، في حين أن السبب الرئيسي والمباشر يرجع إليهم وإلى إصلاحات 2003، والسؤال: هل استفدنا من هذه الأخطاء التي عبثت بأبنائنا 13 سنة؟ هل تجنبتها (ابن غبريت) في إصلاحات الجيل الثاني؟ أم أننا سلكنا سلوك المصاب بمرض التوحد؟ سؤال لخبراء التربية وعلم النفس وأصحاب الميدان ووزيرة التربية.
2. إن الكل يعلم أن إصلاحات الجيل الثاني تمت وفق مسار إصلاحات 2003، لأنها انطلقت من فراغ، ولم تعتمد على تقييم ميداني شامل ولم تحدد الاختلالات والهفوات والأخطاء في كل عنصر من عناصر المنظومة التربوية، خاصة مضمون المناهج، ودور المعلمين والأساتذة، ونتائج التلاميذ والطلبة، والقرارات الارتجالية، والعلاقات بين المدرسة والسلطات المحلية،…الخ، كل هذه الجوانب أهملت ولم يلتفت إليها في إصلاحات الجيل الثاني، لأن الإصلاح يبدأ بتقييم ميداني أولا، وتحديد الاختلالات والنقائص والأخطاء ثانيا، ثم بناء استراتيجية للإصلاح وللأهداف المقصودة في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد، والسؤال: هل قامت (ابن غبريت) بهذه المراحل، أم أنها انطلقت من فراغ وسارت نحو المجهول؟ لا أدري…؟ ولكن خبراء التربية وعلم النفس وأصحاب الميدان أدرى مني!…
3. لقد ظهرت أخطاء لغوية وعلمية وسياسية في كتب إصلاحات الجيل الثاني، نتيجة التسرع والتستر والانطلاق من فراغ، وتهميش أصحاب الميدان، والأسئلة التي تكشف أهداف هذه الإصلاحات هي: لماذا هذا التسرع؟ ولماذا لم تجرب الإصلاحات قبل التعميم؟ ولماذا لم تنزل نماذج من الكتب المدرسية إلى الميدان بغية تصحيحها وتنقيحها والإضافة إليها؟ لماذا لم نستفد من أخطاء إصلاحات 2003؟ سؤال وسؤال يبعث الريبة والشك والتساؤل حول هذه الإصلاحات، ولكن هل ستتفادى (ابن غبريت) هذه المطبات في الإصلاحات القادمة، أم أنها تتمسك بالمبدأ الفرعوني (ما أريكم إلا ما أدرى)؟
4. لقد تبرأت (ابن غبريت) من الأخطاء والخطايا التي ظهرت في كتب إصلاحات الجيل الثاني وقالت: أنا لست مسؤولة عن أخطاء غيري، لأنها أسندت مسؤولية تأليف الكتاب المدرسي وطبعه لأناس لا علاقة لهم بالتربية، ولا علم لهم بخطوات ومراحل وأسس تأليف الكتاب، ولا خبرة لهم بمبادئ اختيار النصوص وصياغة مضامينها، والدليل على هذا ذكره الصحفي القدير: بوعقبة في عموده يوم 05/10/2016 في جريدة الخبر، حيث قال:(( إن الوزارة أسندت عملية تأليف الكتب المدرسية في الإصلاحات الخاصة بالجيل الثاني إلى مؤسستين عموميتين للطباعة وتمت العملية بصيغة التراضي…وبالمقابل، تقوم المطبعتان باختيار الأساتذة المتخصصين من قطاع التربية لتأليف هذه الكتب…وطبعا يلعب الهاتف والعلاقات دورهما في تعيين هؤلاء لتأليف الكتب المدرسية…ولا أحد يشك في الأمر، لأن المسألة تقوم بها مؤسسات عمومية لا يرقى لها الشك في التلاعب (بالحبات)..يبقى السؤال أو الأسئلة المحيرة والتي تحتاج إلى إجابة عنها لإجلاء الأمور: لماذا تتخلى الوزارة عن مهامها التربوية لصالح مؤسسات طباعة لتشرف بدلها عن انتاج الكتب من الناحية التربوية المتعلقة بالمحتوى؟!)).
وقد أكد هذه الحقيقة الأستاذ: محفوظ كحوال في جريدة الخبر يوم 03/10/2016 حينما قال: ((أما عملية تأليف الكتاب المدرسي فتمت بعد أن اتصل بي مسؤول النشر بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، بعدها اخترت فريق التأليف وانطلقت العملية)).
إن هذه الحقائق تؤكد للجميع على أن خبراء التربية وعلم النفس المتواجدين في وزارة التربية لا علاقة لهم بالتربية، ولا يعون ما يفعلون، بل يجهلون مبادئها الأولية. وإن كان الأمر غير هذا، فكيف نفسر غياب الأساتذة والإطارات الذين وضعوا الأسس لمناهج إصلاحات الجيل الثاني، عن عمليات تأليف الكتب المدرسية، أم أن المناهج في وادٍ، والكتاب في وادٍ آخر، أمر طبيعي وعادي لوزارة التربية؟ ألا يمكن القول: ” إن سبب انحدار المستوى التعليمي وتأخر المدرسة، وظهور آفات ومشاكل داخل المؤسسات التربوية يرجع إلى الارتجال والاستهتار وغياب الاستراتيجية التربوية؟ كيف تتخلى الوزارة عن مهامها لصالح المطابع، وهذه الأخيرة تسندها بدورها إلى أفراد؟ هل تنجح إصلاحات يتلاعب بها أفراد يمينا وشمالا بعيدا عن المختصين وأصحاب الميدان؟ وكيف تفلح مدرسة تُسَيَّرُ بعقلية (ما أريكم إلا ما أرى)؟
أسئلة وأسئلة تقودنا إلى خلاصة مفادها: إن إصلاحات الجيل الثاني فاشلة من بدايتها، لأنها انطلقت من فراغ وأسندت لغير أهلها، وفرضت على أصحاب الميدان، وسارت نحو المجهول. والسؤال الذي يفضحنا جميعا هو: ماذا نريد من المدرسة؟ هل حقا نريد إصلاحها أم نريد إفسادها؟ وبماذا نصف الإجراءات والخطوات التي سارت عليها إصلاحات الجيل الثاني؟ سؤال وسؤال أنتظر الرد عليه من المؤيدين لإصلاحات الجيل الثاني .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى