نظام التعليم في الجزائر: بين مظاهر التدني ومستويات التحدي
في إطار الصالون الدولي للكتاب 21 بالجزائر، أصدرت دار جسور للنشر والتوزيع بالتعاون مع مركز الشهاب للدراسات والبحوث كتاب “نظام التعليم في الجزائر – بين مظاهر التدنّي ومستويات التحدّي” للدكتور عبد القادر فضيل عضو اللّجنة الاستشارية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
يتطلع الجزائريون اليوم بعد خمسة عقود من الزمن، إلى معرفة مستوى النتائج التي حققتها الجهود التعليمية التي بذلت خلال هذه الفترة.
وتناول هذا الموضوع يتطلب استعراض مكونات النظام التعليمي، وتبيان الواقع الذي أصبح عليه النظام والمستوى الذي حققه.
والحديث عن هذا الموضوع، وعن القضايا التي يثيرها، يدفعنا إلى استحضار المبادئ والاتجاهات السياسية التي وضعت منذ التفكير في تحديد معالم هذا النظام ضمن التوجهات الثقافية والسياسية التي ظلت تحرك الجهود الرسمية الموجّهة لتنظيم التعليم، وصياغة مشاريع التربية، وتنشيط المحيط المعرفي الذي سينهض بالتربية ويوجّهها نحو تحقيق ما كانت الأمة تتطلع إليه في مجال بناء الإنسان، وترقية المجتمع، وتنظيم حياته، لأن المسعى التربوي الفكري الذي كانت البلاد تتطلع إلى تحقيقه هو تكوين المجتمع المتعلم والمتوازن في تفكيره، وفي سلوكه، وفي طموحاته (المجتمع المتوازن هو الذي لا يكون فيه المواطن مبتوراً عن أصوله ولا متروكاً على هامش التقدم).
وقبل أن نستعرض الأوضاع والظروف التي كانت المنطلق الذي انطلقت (انبعثت) منها جهود التعليم الرسمية منذ الاستقلال، ومنذ أن أصبحت العناية بالتعليم جزءاً من مهام الدولة المستقلة، ينبغي أن نمهّد لذلك بطرح بعض التساؤلات التي نجعلها المفاتيح التي ندخل بها إلى تناول هذا الموضوع، ومعالجة جوانبه المختلفة، والتي نحاول من خلال الإجابة عنها توضيح المفاهيم المتعلقة بأهم ما يتصل بقضايا التعليم وبالجوانب المعرفية التي يثيرها الموضوع؛ تلك المفاهيم المحددة لمدلول التعليم، وحقيقة السياسة التربوية التي توجّهه، والنظام الذي يحكمه ويسيّر مرافقه، وكذا مفهوم المدرسة التي هي المعبر الذي تمرّ عبره الأجيال نحو المستقبل، ودلالة التعلم الذي هو محور نشاطها، وما يستخلص منه من العمليات المتنوعة التي تنجز في رحاب المدرسة، وفق ضوابط منهجية وبيداغوجية.
وبعد تحديد المفاهيم المتعلقة بمجالات التعليم، وقضايا التربية، وأهم المسائل المهيئة لنشر المعرفة. نوجّه اهتمامنا في هذا الحديث لتحليل الإشكالات التي تواجه التعليم وتعوق جهوده عن تحقيق ما ينتظره المجتمع منه، كما نوجّه تفكيرنا العملي من أجل وضع تصور متطور لواقع نظام تعليمي ينسجم مع انتظارات المجتمع، ويساير التطورات المستجدة في عالم التخطيط للنهوض بنظام التربية، ويجسد ما يعيش في اهتماماتنا الراهنة وتطلعاتنا المستقبلية.
والسؤال المحوري الذي نود التركيز عليه، ونجعله خلاصة ما ينبغي الوصول إليه هو: كيف ننهض بنظام التعليم؟ وكيف نرتقي بمستوى الخدمة التي يقدمها؟
والإجابة عن هذا التساؤل يقودنا إلى رصد عدد من الأفكار التي تعتمد في إعادة بناء واقع النظام التعليمي، وجعله فضاء فكرياً وحضارياً تنبع جهوده بما بنور الأفكار، ويزكي المواهب، ويرشد السلوك، ويعمق وعي المتعلم بحاضره، ويربطه بعصره وبالحقائق التي تعيش في هذا العصر.
هذا ما سنصل إليه – بحول الله – في طروحاتنا التي نتبناها في هذا الكتاب، نرجو من الله التوفيق والسداد. ونرجو أن يجد فيه القراء ما يطلعهم على الحقائق الّتي عاشتها المدرسة وتعيشها اليوم.