الإسلام والغرب: الأستاذ طارق رمضان المسلم المثير للجدل في فرنسا اليوم- باريس/سعدي بزيان
لا نعرف مثقفا وأستاذا جامعيا في الغرب، ومسلم الديانة مثيرا للجدل مثل: الأستاذ طارق رمضان المصري الأصل، السويسري الجنسية، والذي يتولى التدريس حاليا في أكسفورد ببريطانيا، اسم يزعج بعض المثقفين الفرنسيين من أصل يهودي ذوي أفكار صهيونية، يتزعمهم في هذا الموقف بيرنار هنري ليفي، ولماذا هذا الإزعاج وماذا وراءه؟ لأنه يقول حقائق مرة لم يستطع هؤلاء المثقفين المرتبطين بإسرائيل هضمها فلطالما هاجم الذين يتحدثون عن قضية الحجاب، ولا يتحدثون عن قضية الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي ويتعرض يوميا للقتل ومصادرة أرضه، وهدم منازله. طالب بيرنار هنري ليفي من الحكومة الفرنسية منع طارق رمضان من الدخول إلى فرنسا والمشاركة في عدة ملتقيات إسلامية، فوق التراب الفرنسي ولم تجد الحكومة الفرنسية مبررا مقبولا لمنعه من الدخول إلى فرنسا وخاصة وهو يحمل جنسية سويسرية ، وشخصية لها اسمها ووزنها في الأوساط الجامعية في سويسرا وفرنسا وبريطانيا، وعموم بلدان أوروبا، وله أكثر من 30 كتابا تتمحور كلها حول الإسلام والمسلمين في الغرب، وله قراءة خاصة في الموضوع. ونحن من جانبنا كمهتمين بهذا الموضوع لا نشاطره بعض أطروحاته، ولكن هذا لا يعني أننا نقلل من قيمته، ومكانته على مسرح الفكر الإسلامي في قراءة معاصرة تتجاوز الفهم الشكلي للإسلام، فهو يريد لمسلمي الغرب أن يكونوا في مستوى وزنهم العددي وديانتهم السماوية ذات البعد الحضاري والثقافي والإنساني، وفي المدة الأخيرة، وبالضبط في أفريل الماضي استوجبته صحافيتان فرنسيتان وأطلقت عليه لقب “أبو الهول- طارق رمضان” وأبو الهول تمثال فرعوني في مصر يعتبره مجموعة من الشباب المسلم في مدينة ليون كالزعيم الروحي لهم فهو يرعاهم بتوجيهاته- كما منحهم حق نشر بعض من كتبه في دار نشر أسسوها في السنوات الأخيرة وتحمل اسم “دار التوحيد”، ولطالما دعي إلى باريس في مناسبات إسلامية، وخاصة من طرف منظمة “إتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا” ، ذات التوجه الإخواني، وللعلم فإن الأستاذ طارق رمضان وهاني رمضان مدير المركز الثقافي الإسلامي في جنيف شقيقان، وابنان للمرحوم د-سعيد رمضان من قادة “الإخوان المسلمون” في مصر” وقد لجأ إلى سويسرا وأسس فيها المركز الثقافي الإسلامي ” وانشأ أيضا مجلة “المسلمون” وقد أسند رئاسة تحريرها إلى المرحوم، د-مصطفى سباعي وهو سوري من “الإخوان المسلمون”س في سوريا أيضا.
وقد ذاع اسم طارق رمضان، كشخصية إسلامية معتدلة يعيش هموم الإسلام والمسلمين في الغرب، ويدلي بآرائه في هذا الموضوع وعلى نطاق واسع سواء من خلال كتبه التي يزيد عددها عن 30كتابا أو من خلال محاضرات ومداخلات في ملتقيات عديدة.
انتدبته جامعة أوكسفورد العتيقة كأستاذ فيها، في حين رفضت الجامعات الفرنسية انتدابه، وما أحوج الفرنسيون وجامعاتهم لشخصية مثل الأستاذ والمحاضر والمحاور د-طارق رمضان، رغم أنه متزوج بامرأة فرنسية من منطقة بروطانيا معتنقة للإسلام ومن كبار العارفين بالأدب الفرنسي بجميع تياراته وهو غير مرغوب فيه في فرنسا للأسباب التي ذكرناها.
تشبيه سخيف لشخصية طارق رمضان من طرف صحافيتين فرنسيتين في حديث مطول بجريدة “لوموند” وصفت الصحافيتان الأستاذ طارق رمضان بشخصية محمد بن عباس زعيم الأخوة الإسلامية في رواية: Soumission Michel Houelbecq
لميشال هوليباك الشخصية السياسية التي تخيلها م-هوليباك في روايته والتي سوف تصبح رئيسة للجمهورية الفرنسية سنة 2022كما تخيل ذلك الراوئي السخيف في روايته التي أقبل عليها الرأي العام الفرنسي بِنَهَمٍ شديد وباع منها آلاف النسخ، وقيل أنها سوف تصدر عنها نسخ في إيطاليا وألمانيا وبعض البلدان الأوروبية الأخرى.
طارق رمضان يفجر قنبلة في الإعلام الفرنسي بإعلانه طلب جنسية فرنسية!
يتساءل بعض الفرنسيين لماذا يريد طارق رمضان وهو يحمل الجنسية السويسرية ولماذا إصراره على طلب الجنسية الفرنسية؟ وهو لا شك أنه يدري بكل تأكيد أن “اللوبي اليهودي” سيعارض ذلك بشدة، وهو الذي كان قد طالب الحكومة الفرنسية بعدم السماح له حتى بالدخول لفرنسا، وهو يحمل جنسية أوروبية وقد أكد ذلك رئيس الحكومة مانوال فالص وهو يتأهب لزيارة إسرائيل ويتساءل لماذا يطلب طارق رمضان الجنسية الفرنسية وأجاب بصراحة: أرى أنه لا يوجد سبب في أن يحصل ويسعى للحصول على الجنسية الفرنسية وذلك عندما نريد أن نصبح فرنسيين فإنه يغدو من الواجب علينا أن نتقاسم معها قيمها، في حين نرى رسالة طارق رمضان لا تقاسم فرنسا قيمها بل تتعارض معها، ومانوال فالص معروف حتى لدى الحزب الاشتراكي أن له ميولا إسرائيلية بحكم زوجته اليهودية وقد فضحه وزير خارجية فرنسا السابق دوما، وقد صرح فالص أمام جمع من الطلبة الإسرائيليين في “جامعة تل أبيب” أنه يعارض بشدة كل أنواع المقاطعة ضد إسرائيل واعتقد أنه بدون مبالغة يمكن اعتبار مانوال فالص بأنه رجل إسرائيل في الحكم الاشتراكي الحالي وهو القائل “إن فرنسا بلا يهود ليست فرنسا!.
وفي حكم اليمين كان شارل باسكوا وزير الداخلية الراحل منع طارق رمضان من الإقامة في فرنسا وذلك في نوفمبر 1995 بسبب “تهديده للأمن العام” حسب قول باسكوا، والفاهم يفهم!.
نشاط طارق رمضان الثقافي في فرنسا رغم معارضة اللوبي الصهيوني
يشارك الأخوان هاني رمضان وطارق رمضان في نشاط ثقافي ضمن “إتحاد الشباب المسلم” الذي تأسس في مدينة ليون 1994 وأسس قبل ذلك “منشورات التوحيد” التي أصدر فيها طارق رمضان كتابه “المرأة في الإسلام والمسلمون في العلمانية” وعندما منعه شارل باسكوا وزير الداخلية الفرنسي السابق من الإقامة في فرنسا قدم احتجاجا لمنظمة حقوق الإنسان مستنكرا هذا الموقف من طرف وزير الداخلية الذي يمنع مواطنا مسلما حاملا لجنسية بلد أوروبي هي سويسرا من الإقامة في بلد أوروبي وهي فرنسا.
يوصف طارق رمضان بأنه شبه المتحدث باسم الإسلام والمسلمين في الغرب، وكتبه كلها تقريبا تتمحور حول الإسلام والمسلمين في الغرب في قراءة خاصة له يحالفه الصواب في بعض الأحيان، وهي مثار نقاش والأستاذ طارق رمضان من مواليد 26أوت1962، 54سنة من عمره حاليا والده كما ذكرت هو المرحوم د-سعيد رمضان من أقطاب حركة “الإخوان المسلمون” في مصر، استقر في جنيف 1962، وأخوه د-هاني رمضان مدير المركز الإسلامي بجنيف حصل طارق رمضان على شهادة البكالوريا الفرنسية من مدينة غرونوبل الفرنسية وعمره 17سنة وهو ضليع في اللغة الفرنسية ومحاور من الطراز الأعلى وبلغة فرنسية كذلك ووجه في سماء الفكر الإسلامي في الغرب.
والأستاذ طارق رمضان ولو كان جده حسن البنا، مؤسس حركة “الإخوان المسلمين” وأبوه د- سعيد رمضان من أقطاب حركة الإخوان فإنه مع ذلك كما يؤكد شخصيا أنه ليس عضوا في هذه الحركة بل يؤكد أنه ضد الهيكلة والتموقع ضمن حركة ما وصفته مجلة لوبوان بأنه إسلامولوجي وأستاذ في جامعة جنيف ومن أعماله:
Etreoccidental et musulman aujourd’hui
“كيف يمكن أن تكون غريبا ومسلما في عالم اليوم” ويقول بهذا الصدد: فالمسلمون اليوم في الغرب لهم مسؤولية تاريخية حاملين معهم مشاريع اجتماعية واقتصادية وسياسية وإبداعا ثقافيا وفنيا ومتجددا ومسؤولا وأضاف إننا ندافع بقوة عن فكرة في أن يصبح مسلمو الغرب مستقلين ثقافيا وسياسيا وماليا، وهو أمنية الجميع إن توفرت الإرادة المخلصة والتضحية، والوعي بالحاضر والمستقبل.
وتسلح جيش الشباب المسلم في أوروبا بثقافة إسلامية معاصرة قادرة على الصمود في وجه الثقافة الفرنسية العلمانية والمعادية في كثير من الأوقات للثقافة العربية الإسلامية.