مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث دولية

أين دعاة الوطنية .. من "إسرائيل" و"أورشليم"؟ بقلم حسين لقرع

no_israel_552841275
لم يكد الجزائريون يستفيقون من صدمة وضع اسم “اسرائيل” بدل فلسطين في خريطةٍ بكتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، حتى صدمتهم مفاجأة أخرى وهي وضع اسم “أورشليم” في خريطة بكتاب التاريخ للأولى متوسط تتحدث عن الحضارات القديمة، مع وضع اسم “القدس” بين قوسين، وهو ما يعني أن “أورشليم” هي الأصل و”القدس” مجرّد تسمية حديثة؛ وفي ذلك دلالة واضحة على انحياز واضعي الخريطة للطرح اليهودي للمسألة برغم أن الحقائق التاريخية تؤكد عروبة المدينة المقدّسة وإسلاميتها.
ترى، ماذا يمكن أن تقول وزارة التربية الآن عن ورود اسم “أوشليم” في كتاب التاريخ للسنة أولى متوسط مع وضع القدس بين قوسين للدلالة على أسبقيةٍ مزعومة للتسمية اليهودية على الإسلامية للمدينة، وبالنتيجة أحقية ما يُسمى “إسرائيل” في الوجود بدل فلسطين؟
هل هو “خطأ مطبعي” هو الآخر، والخريطة أخِذت من محرك البحث “غوغل” دون مراجعة كما حدث مع وضع كلمة “إسرائيل” بدل فلسطين، حسب رواية الوزارة منذ أيام؟ ولماذا لا تقع “الأخطاء” سوى في هذه المواضيع الحساسة؟ ألا يتعلق الأمر بإعادة كتابة تاريخ المنطقة بشكل مخالِف لما يتعارف عليه الجزائريون منذ عقود، وتبنّي الرواية الصهيونية له، وتحضير للملايين من تلاميذنا للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني في السنوات القادمة؟
كل الاحتمالات تبقى واردة، فتكرار هذه الأخطاء لا يمكن أن يكون عفوياً.. من حقنا أن نشكّ ونحن نرى هذا العدد من الأخطاء التي تسوّق للصهيونية، وتمجّد أيضاً الديمقراطية الفرنسية التي “تحترم إرادة الشعب الجزائري في الاستقلال” وتنظم له استفتاءً “حرا ونزيها” في 1 جويلية 1962!
لقد كانت نقابات التربية على حق حينما طالبت بتأجيل تنفيذ “الجيل الثاني من الإصلاحات” إلى الموسم الدراسي 2017- 2018، حتى يأخذ حقه من النقاش ويكون محلّ قبولٍ واسع من الأسرة التربوية ومختلف فعاليات المجتمع، لكن الوزارة أصرّت على غيّها، وسابقت الزمن لوضع أول كتب “الجيل الثاني” وإصدارها قبيل الدخول المدرسي 2016- 2017، قصد إجبار الجميع على قبول “إصلاحاتها” كأمر واقع، ولكن هاهي النتائج الأولى ماثلة للجميع على شكل أخطاء و”خطايا” في مختلف الكتب، في حق الوطن وفلسطين.
قلناها ألف مرة منذ أشهر: إن “إصلاحاتٍ” يُستعان في وضعها بخبراء تربية فرنسيين، وتتمّ بسرّيةٍ تامة في غرفٍ مغلقة، ويصرّ عرابوها على إبقائها في دائرة الغموض، ويرفضون إشراك القاعدة التربوية فيها مع أن المعلمين والأساتذة والمفتشين هم أداة تنفيذها ميدانياً… هي “إصلاحاتٌ” محكومٌ عليها بالفشل؛ لأنها فوقية متعالية تسلّطية، يُراد لها أن تُرمَى إلى نصف مليون معلم وأستاذ ومفتش فينفِّذونها دون نقاش، كما أن إبقاءها في دائرة السرية يجعلها “إصلاحات” مشبوهة تتآمر على ضرب مواد الهوية الوطنية لخلق مدرسةٍ “جديدة” تخرّج أجيالاً ممسوخة لا تعرف هويتها ولا تتحمس للدفاع عنها…
حينما نبّهت مختلفُ المنظمات والجمعيات والنقابات ووسائل الإعلام منذ البداية إلى ما يمكن أن تسبّبه هذه “السرْعة” غير المبررة في تجسيد “الإصلاحات” من اضطراباتٍ واسعة في القطاع، ثم ندّدت بالمؤامرات التي تستهدف مواد الهوية الوطنية منذ أشهر، وبأخطاء كتب “الإصلاح”… أتُّهمتْ بالتخلف والجمود والإرهاب والظلامية والوهابية والتكالب على الوزيرة التي تريد إخراج المدرسة من “نكبتها”، وغيرها من الشتائم الجارحة، فكانت النتيجة: “إسرائيل” بدل فلسطين، و”أورشليم” مكان القدس، وحديث عن ديمقراطية فرنسا تجاه الجزائريين، ولعل القادم أدهى وأمرّ، فقد يفاجئنا منظرو “الإصلاح” المزعوم في كتب السنوات المقبلة بدرس يتحدّث عن إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القدس وصلاته بالأنبياء في “الهيكل” بعد ان ربط فرسه “البُراق” بـ”حائط المبكى”، وقد يفاجئوننا أيضاً بمواضيع عن أكذوبة المحرقة أو “الهولوكوست” واضطهاد اليهود في العالم على مرّ القرون..
مرة أخرى: أين دعاة الوطنية مما يُرتكب من مناكر وموبقات في حق الأجيال باسم “الإصلاحات” المزعومة؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى