مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث دوليةقضايا الأمـــة

أسرار وخفايا حروبنا التي تودي بالملايين من الضحايا… بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي

5624a2f0c4618848618b45cb
إن ما حدث ولازال يحدث في البلاد العربية والإسلامية من حروب، لم يقع اتفاقا وصدفة، ولكنه نتيجة مخطط استراتيجي يهدف إلى تفكيك الدول وإعادة توزيع الشعوب في المنطقة وفقا لما يتماشى مع مصالح وحاجات القوى الدولية القديمة والصاعدة، وهذا المخطط الاستراتيجي بدأت تتضح معالمه شيئا فشيئا، مما جعل مختلف القوى الدولية تلقي بكل ثقلها في هذه الحروب التي تدور رحاها في أرضنا، والتي وللأسف وقودها أبناؤنا وأموالنا…
وقد التقت جميع الأبحاث والدراسات وكل التعاليق والتحليلات لمختلف الخبراء والملاحظين من كل أصقاع العالم، على أن تلك الحروب ترمي إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وأنها تعمل على إنجاز المخططات التي رسمتها الإدارة الأمريكية في عهد بوش الابن والتي عبرت عنها وزيرته للخارجية كوندوليزا رايس بمصطلح:” الفوضى الخلاقة ” وأن غايتها ترمي إلى بناء “شرق أوسط كبير”.
والحقيقة الكبرى والجوهرية في الأمر، هو أن أمريكا تريد أن تفك ارتباط دول المنطقة وشعوبها بالقوى التي كانت ولازالت تهيمن عليها إلى اليوم وأن تتفرد هي بالتسلط عليها وحدها دون شريك أو منافس، وذلك في إطار ما تعتبره حقها الشرعي باعتبارها باتت هي القوة الكبرى المهيمنة على العالم حسب ما تدعيه وتزعمه وتروج له.
وهذا ما يفسر إقدام روسيا على دخول الحرب في سورية بكل قوة ولإدراكها ما يبيته الغرب للمنطقة وما يرمي إليه من وضع يده على ثرواتهاوتملكه لها دون شريك، فدخولها هذه الحرب ورميها بكل ثقلها فيها، هومن باب إشعار الولايات المتحدة الأمريكية ليست القوة الوحيدة في هذا العالم، وعليها أن تضع في اعتبارها وجود القوى الأخرى الموجودة أن تحسب لها حسابها…
وهذا ما يفسر التدخل الأمريكي في الشأن اليمني والليبي تحت غطاء محاربة القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في سرت، وسعيها لإقناع السلطات الجزائرية والتونسية للسماح لها بإنشاء قواعد لها على أرضي الدولتين، وتمكن الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا من عقد اتفاقية مع النيجر لإنشاء قاعدة جوية للطائرات بدون طيار في منطقة ” أغازير” على الحدود النيجرية الجزائرية.
وهذا يوضح تماما أن أمريكا لا تستهدف الشرق الأوسط وحده وإنما تطمح إلى السيطرة كذلك على المغرب العربي والقارة الإفريقية برمتها، ويؤكد هذا الاهتمام بالمغرب العربي خاصة، والقارة الإفريقية عامة، تلك الحلقات والندوات الدراسية التي ينظمها وكلاؤها في المنطقة والتي تتمحور حول دراسة قدرات وتركيبة الجيوش المتواجدة في المنطقة، كتلك الندوة التي نظمت في قطر مؤخرا، وهي ترمي إلى التعرف على ما تتملكه هذه الجيوش من قدرة الصد، حتى يتسنى وضع السيناريوهات المناسبة للتغلب عليها ووضع اليد على المنطقة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية…
والطموح الأمريكي للاستحواذ على المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج خاصة والعالم بأسره عامة، بات واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار كما يقولون، وقد نبهنا إلى ذلك الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي– رحمه الله – في خمسينيات القرن الماضي يوم قال عن الأمريكي:” رجله في إيران وعينه على وهران”.
والحقيقة الأخرى هو أن أمريكا تريد الاستحواذ على المغرب العربي
وإفريقيا، لتتسنى لها مراقبة أوروبا التي تخشى أن تتمرد عليها إذا ما تعارضت المصالح، وتضاربت الأهداف…
إن المنطقة العربية برمتها عرضة لأن تمحى دولها الحالية من خارطتها، وأن يعاد تشكيلهاوتوزيع شعوبها على كيانات جديدة هي أقرب إلى الكانتونات منها إلى الدول الحقيقية، التي تمتلك فعليا القدرة على الدفاع عن سيادتها، وسيراعى في إنشاء هذه الكانتونات أن تبقى أسباب احتدام الصراع بينها قائمة إلى الأبد، مما يحول دون قيام مقاومة وطنية أو قومية تسمح باسترجاع الأرض وحماية العرض، فماذا أنتم صانعون يا عرب…؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى