الموضوع: هل يجوز توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية؟
قال السائل: لي مقدار معتبر من مال الزكاة أصرفه كل عام في أبوابه المشروعة، وأردت أن أستثمر منه جزءا قصد تنميته لصالح الفقراء، فهل يجوز ذلك؟ وما هو حكم الشرع في أن أتولى الإشراف على استثماره بنفسي، أم يستثمره من يستحق الزكاة؟ وهل يجوز لي أن أحجج فقيرا بمال الزكاة؟ أو أزوج شابا فقيرا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ الأصل أن أموال الزكاة تعطى لمستحقيها الذين سماهم الله تعالى بصفتهم، في القرآن، وتُمَلَّكُ لهم. قال الله تعالى:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة:60) لأن مقدار الزكاة حق للسائل والمحروم، وليس من حق الغني بعد أن يميز مقدار ما يخرج من الزكاة بالحساب الشرعي أن يتصرف فيه. قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾(المعارج:24/25)
وفي الحديث عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:[ إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب](رواه مسلم.كتاب الإيمان).
2 ـ وعليه لا يجوز للغني أن يمسك عنده مال الزكاة لاستثماره ولو كان لفائدة الفقراء. إلا في إحدى حالات ثلاث: فيما إذا لم يجد بابا من أبواب صرف الزكاة، وخشي ضياع المال، أو ضياع القيمة، حينها يجوز له أن يستثمره، فإذا بان أصحابه سلم لهم. والحالة الثانية أن يوجد مساكين وفقراء لهم حرفة وصنعة بإمكانهم أن يصبحوا أغنياء باستثمار ذلك المال. وهنا يجوز للغني الإشراف بنفسه ليحمي المال من الخسارة ويدير المشروع لحسابهم، لا لحسابه، وعمله تطوع.
الحالة الثالثة.أن تتولى مؤسسة جمع الزكاة استثمار الأموال الزائدة عن الحاجات الضرورية لكل فقراء البلد، أي بعد أن يتأكد العاملون عليها بأنه ما بقي محتاج، حينها تستثمر بتوجيه المفتي العام فيما يوافق حكم الشرع. وفي كل الحالات.
في الأخير فإن كل المال وما أثمر عنه يعود لمستحقي الزكاة.
والله أعلم.
3 ـ لا يجوز صرف أموال الزكاة ليحج به الفقراء، سواء من صندوق الزكاة، أو من الغني مباشرة، إلا إذا لم يوجد فقير محتاج في البلد كله، لأن الحج فرض على من استطاع، وتزويج الشباب الفقراء بمال الزكاة أولى من تحجيجهم في حالات ثلاث:
الحالة الأولى: إذا كان الشاب يرجى منه بعد تزويجه أن يكون قادرا على القوامة، ماليا، وبدنيا، ورجولة، ودينا.
الحالة الثانية: إذا لم يوجد فقراء محتاجين إلى غذاء، أو دواء، أو كساء، أو مأوى.
الحالة الثالثة: أن تكون مصروفات وتكاليف الزواج قصدا، فلا يجوز أن يعطى الشاب مال الزكاة لينفقه في إسراف.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.