مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

أمين الزاوي والفوضى المخلوقة!!

08-zaoui-01_copy
عندما أراد الأستاذ أمين الزاوي تذكير الجزائريين بمذهبه القديم في الحياة الذي يعرفونه عنه منذ ثمانينيات القرن الماضي يوم كان في دمشق، ولم يكن يومها مديرا ولا كاتبا مرموقا أو مرقوما، ولا مرشحا لوزارة…، اغتنم فرصة الحملة على وزيرة التربية السيدة بن غبريط ليظهر للناس انه يدافع عنها وعلى خيارات السيد رئيس الجمهورية في مجال التربية..، ولكنه في تقديري لم يكن موفقا لا في التذكير بمذهبه القديم، ولا في الدفاع عن وزيرة التربية، ولا في المرافعة عن برنامج رئيس الجمهورية؛ لأن كل ما ذكره من معلومات عبارة عن فوضى من الألفاظ والجمل خلقها الزاوي كما يخلق شخصيات رواياته ليخاطب بها من لا نعلم من خلق الله هنا أو هناك؛ لأن فوضى الألفاظ والجمل لا تصلح إلا “شيفرات” لا يفهمها إلا الموجهة إليه.
إن الكاتب في العادة صنفان، صنف يضع بين يديه مشكلة يريد معالجتها، فيحللها ويعيدها إلى أصولها وإلى عناصرها التي تتكون منها، ويكشف تناقضاتها إن كانت فيها تناقضات –كما أفعل الآن مع الأستاذ الزاوي،، ثم يبحث في كيفية معالجتها. وصنف آخر له مشكلة مع جهة ما رسمية أو شعبية يريد تصفيتها، فيبحث لها عن كل ما يشينها سواء كان من اجتهاداتها أو من المدسوس عليها أو الموصوفة به كذبا وزورا، ..، أو حاجة له لدى هذه الجهة يريد قضاءها، كما فعل الأستاذ الزاوي في مقاله المنشور بيومية الخبر يوم الخميس 15 سبتمبر 2016,
فرسالة الزاوي في المقال المذكور قد حصرها في قضايا ثلاث أو محطات اعتبرها معالم للجهل والتخلف والإرهاب، إلى إضافة إلى رسائل مشفرة لا ندري إلى أي جهة موجهة، لا سيما تلك التحذيرات التي أطرقها المتعلقة بالبعبع الذي علقت عليه كل إخفاقات النخبة الجزائرية التي يعد الزاوي واحد منها، والقضايا أو المحطات التي أرادها الزاوي محاور لموضوعه هي:
1. الإخوان المسلمين والسلفيين التكفيريين
2. حزب الفيس (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) المحظور
3. مسألة الأمازيغية
ولمعالجة هذه القضايا أو المحطات الثلاث، للأستاذ الزاوي ثلاثة مواقف له منها أو تجاهها تمثل أقصى مواقف التطرف؛ بل أكثر من ذلك أن مواقفه التي اتخذها لا تعبر عن رأي واضح إلا في عبارة واحدة هي معاداة الإسلاميين…، اما ولماذا؟ وما هي المبررات الحقيقية لهذه المعاداة؟ وما هي مساحات التقائه بهؤلاء باعتباره جزائريا مثلهم كتب عليه أن يعيش بينهم في رقعة واحدة، كل ذلك لم يظهر في موضوعه ما يفيد ان له رأيا في ذلك، وإنما الذي بدا في المقال بوضوح هو تخبط يحمل من المتناقضات أكثر بكثير من المواقف الواضحة.
فهو معادي للإخوان لأنهم مشارقة اقتحموا بلاده في سنوات بداية الاستقلال، عندما استعانت بهم الجزائر في التعليم والتعليم الأصلي، ولكنه سرعان ما يناقض ذلك بالثناء على المشارقة الذين هم طينته الفيس، ويتحامل على المدرسة الجزائرية لأنها خرجت الإرهابيين، من الإخوانيين والسلفيين التكفيريين، ولكن الواقع يرد عليه بأن هذه المدرسة خرجت من الفيس الشيخ علي بلحاج وعبد القادر حشاني، وخرجت من خصومهما أمين الزاوي وواسيني لعرج.. وخرجت متطرفي الجماعات المسلحة وخرجت شباب الجيش الوطني الشعبي وقوات الشرطة والمخابرات….، وخرجت وخرجت وحرجت، فهذه هي مدرستنا الوطنية، إن كانت خيرا فخيرا وإن كانت فشرا، فلا داعي لتغطية الشمس بالغربال كما يقال.
وإذا كان للأستاذ الزاوي عداء للإسلاميين، ولم يستطع محاربتهم بالمنطق والحجة والنقاش والحوار، فلا يليق بأن يستنجد بمصطلحات هي مصطلحات إدانة في العرف الإعلامي والثقافي، فينعتهم بالسلفيين والتكفيريين وما إلى هنالك من المصطلحات التي ترهب الناس من هذا التيار، ولكنه يغفل عن انه لا يختلف كثيرا عن الفئات التي تنطبق عليها تلك المصطلحات..، أليس هو سلفي أيضا؟ حيث لم يستطع الخروج من “جبة” خطاب فصيلته التي كانت تؤويه في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؛ بل لا يزال يكرر ما قال سلامة موسى ولويس عوض وجورجي زيدان وغيرهم من مثله العليا…، فهو سلفي أيضا، أما التيار التكفيري الذي يمثل الشذوذ عن القاعدة في فكرنا الإسلامي لأسباب لا يتسع المجال لتحليلها الآن، فالزاوي لا يختلف عنهم كثيرا، من جهة انه إقصائي واستبدادي في طروحاته تجاه خصومه من الإسلاميين تحديدا، وإلا ما الفرق بينه وبين التكفيريين عندما يقرر ويرغب في فرض بعض قناعاته بالقوة، مثلما اقترح على السلطة فرض تَعَلُّم الأمازيغية بالإلزام.. ولا أدري من أين جاء بهذا الانفتاح الذي يرفض خصمه لمجرد أنه يرى بغير نظارته؟ ويفرض قيمه بالقوة والإلزام ويحرض السلطة على ذلك؟ ما رأي الأستاذ الزاوي لو أنني أقترح على المدارس الجزائرية أن تخصص قاعة للصلاة فقط؟ هل سيعد ذلك من الحريات؟ أم من القيم التربوية؟ أم من السلفية والإرهاب؟ لا أستطيع أن أجيب في مكانه…
أما النقطة الثالثة وهي الأمازيغية، التي اعتبرها جوهر المسألة التربوية حيث أَرَّخ لأزمة المدرسة الجزائرية بسنة 1949، وهذا التاريخ يذكر للأزمة البربرية في الحركة الوطنية، وهي مسألة كانت لها تداعياتها في تاريخ الحركة الوطنية ولكنها لم ترتق إلى مستوى أزمة الهوية أو أزمة تربية وتعليم كما يدعي الزاوي، وإنما هي انشغال جزئي بالنسبة للقضايا الوطنية الكبرى، ومن ثم لم يرض أحد من الجزائريين الانشغال بها عن ثورة التحرير، أو عن بناء المجتمع وإعادة صياغته وفق معايير المحتمع الناجح.
إن الموقف من المسألة الأمازيغية، لا يزايد به أحد عن أحد من الجزائريين، ما دام هذا هو عرقنا وعمقنا وتراثنا، ولكن بعيدا عن الأكاديمية البربرية وحواشيها… وقد عبر ابن باديس رحمه الله عن ذلك العمق بموقف يكتب بماء الذهب لو كنا نسمع أو نعقل “ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى