مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث دوليةالبصائر

أمريكا والانهيار الداخلي – منصف بوزفور

black-lives-matter-header
يظهر أن أمريكا تعاني من الانهيار الداخلي بسبب التفرقة العنصرية والمظاهرات العارمة في أكثر من ستة ولايات.
وفي المقابل هل يستحق “باراك أوباما” جائزة نوبل للسلام مع كل علاقته بالسياسة المتبعة في العالم العربي بدءا من حرب العراق وأفغانستان، ثم ما حدث من وأد ثورات الربيع العربي، ثم ما يحدث اليوم في سوريا واليمن وليبيا إلى جانب التوجه نحو ضرب السعودية والإبقاء على مصر تحت مآسي انقلاب السيسي على الرئيس المصري مرسي، وتهيئة إيران والتوجه الإيراني لأن تكون الشريك الفعال في السياسة الأمريكية بالمنطقة وعلى حساب المصالح وأمن صديقتها إسرائيل.
ولقد شغلني خطاب “باراك أوباما” الأخير بالبيت الأبيض الأمريكي وهو يودع البيت الأبيض بعد ثماني سنوات من الخدمة في المكتب العام: ولقد ذكر أنه يود أن يتناول قضايا تهم الأمة الأمريكية. فقد كانت البلاد في لحظة انتخابه تقف بالنسبة إليه على مفترق طرق، فالشباب الأمريكي كانوا على خط النار في العراق وأفغانستان، والاقتصاد يعاني من ركود، وبلغت نسبة البطالة 8 بالمائة. ومن خلال مشاريع ناجحة كقانوني التحفيز والوظائف، وجد ملايين الأمريكيين فرص عمل، فقد أعاد أوباما النسبة إلى ما دون 5 بالمائة، وانخفض سعر البنزين إلى 1.80 للتر وأصلح وول ستريت، وأزاح بن لادن عن المشهد، ومنع إيران من صنع قنبلة نووية.
ثم يقول بأن ثمة أشياء لابد من الإفصاح عنها في هذه اللحظة، عندما تقلدت منصبي في 1 ـ 1 ـ 2009 كانت قوى الشر مستمرة في محاولاتها للنيل من أمريكا، وكان علي أن أقود سفينتها بين عواصف رعدية لأصل بها إلى شاطئ الأمان، ونجحت إدارتي في الخروج من العراق ولكننا أبقينا على وجود لنا فيه، وجعلناه قسمة بين ميليشيات شيعية تقمع السنة وتأخذه بعيدا عن محيطه العربي. ينبغي أن لا ننسى أن العهدين القديم والجديد حدّثانا عن خطر العراق اليوم، وعن عقوبة الرب لطغاة ذلك البلد، وقد بدأ سلفي تحريرها، وأكملت المهمة حتى لا تتكرر جرائم وحشية كالأسر البابلي لليهود كما عملت إدارتي على تطوير برنامج الطائرات من دون طيار للقضاء على مرتكبي التطرف العنيف في باكستان واليمن والصومال وسوريا، فجرى التخلص من 5000 مسلم إرهابي، كان آخرهم 150 من حركة الشباب الصومالية، هذا البرنامج المتسق مع مذهبنا في شن الحروب الاستباقية ضروري لحماية المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وترسيخ ثقافة القوة التي يؤمن بها مجتمعنا. هل وقع ضحايا مدنيون؟ نعم بالآلاف، لقد اضطررنا إلى ذلك، لنضمن تصفية الإرهابيين المستقبليين.
لكن أكبر إنجازات إدارتي هي وأد الربيع العربي، فأنتم تعلمون أن الثورات التي نشبت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2011 هددت أمن صديقتنا إسرائيل، التي تعدّ بقاءها في ذلك الجزء من العالم مرتبطا ببقاء هويتنا نحن، ولهذا نظرت أمريكا إلى تلك الثورات بصفتها خطرا كامنا لابد من إجهاضه ولقد نجحنا بالتعاون مع حلفائنا في تحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، وقضينا على المولود الديمقراطي في مصر، ومنعنا السوريين من الحصول على أسلحة توقف القصف الجوي، وسمحنا لحلفائنا الشيعة باستباحة سوريا وإغراقها بالدم، فلا مصلحة لنا من انتصار ثورة تهدد الشعب اليهودي، وتعزز نفوذ الإسلام المتشدد.
وفي الختام قررنا إنهاء الخلاف مع إيران، بعد أن اكتشفنا أنها ليست مسلمة كما كان يشاع، وأن التعاون معها لكبح الإسلام السنّي أكثر أهمية من الخلاف حول برنامجها النووي، وبالفعل نحّينا الخلافات، وركزنا على المشتركات، واتفقنا على وضع الشعوب العربية تحت التحكم.
فعلا لقد بدأ التخطيط لعملية الربيع العربي نهاية العام 2008 مع استلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما وفريقه الإدارة الأمريكية، وهي خطة شاملة لتغيير نظم الشرق الأوسط الكبير الممتد من مصر وشمال إفريقيا إلى إيران ودول الخليج وباكستان وأفغانستان، وهو نفس المشروع الذي أعلنه جورج دبليو بوش عام 2004 في لقاء مجموعة الدول الثماني، وشمل المخطط على برامج وعمليات تحول ديمقراطي لكل دولة بصورة مختلفة عن الأخرى تبعا لظروف وأوضاع كل دولة.
ونذكر في الأخير أن ما يحدث اليوم من إعادة تهيئة جديدة لخارطة المنطقة العربية هو ما تعمل أمريكا على المضي فيه إلى أبعد حدّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى