مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

درسٌ من وزير التربية الصهيوني!بقلم حسين لقرع

2014-binit_211020683
يُعدّ وزيرُ التربية الصهيوني، نفتالي بينيت، مختصا في مجال التقنية العالية، وقد ساهم في وضع برنامجٍ متقدّم لتعليم الرياضيات في الكيان الصهيوني.
ومع ذلك، فقد دعا هذا الوزير، منذ أيام قليلة فقط، إلى زيادة تعليم الديانة اليهودية في المدارس، وقال بالحرف الواحد: “أرى أهمِّية في تعليم دروس اليهودية والتفوّق فيها أكثر من تعليم الرياضيات والعلوم”، وبرّر بينيت دعوته هذه بقوله: “لسنا قادرين على ضمان استمرار دولتنا من دون الإلمام بالتوراة. بصفتنا يهوداً، لا يكفي أن نكون شعبا يتقن المعرفة بالتقنيات الناشئة، بل علينا أن نكون شعباً يعرف التوراة ويفهمها أيضاً”!

يُذكر أن الإلمام بمادّتيْ التربية الدينية “اليهودية” والتاريخ المزوّر الذي يرمي إلى شرْعَنة الاحتلال اليهودي لفلسطين، هو مفتاح نجاح الطلبة الصهاينة في البكالوريا، ولا حظّ لأيِّ متفوّق في المواد العلمية في النجاح في هذا الامتحان المصيري إذا لم ينجح في هاتين المادتين اللتين تعنيان الكثير للكيان الصهيوني.

لا أحدَ ينكر اليوم أن الكيان الصهيوني قد بلغ مرحلة متقدّمة في العلوم والتكنولوجيا في العالم تشكّلُ أساس تطوّره، وأنه يُنتِج سنوياً من البحوث العلمية والدراسات والكتب أضعاف ما ينتجه العرب جميعاً، ولكن ذلك لم يمنعه من الاعتناء الشديد بمادّتيْ الديانة اليهودية والتاريخ، فضلاً عن اللغة العِبرية التي تُدرَّس بها كلُّ المواد من الابتدائي إلى الجامعي.. ومع ذلك، فإن وزير التربية بينيت يرى أن مادة “اليهودية” لم تتبوّأ بعد مكانتها في المدرسة، ويجب أن يُهتمَّ بها أكثر من المواد العلمية!

أمّا في الجزائر، فإن المكائد التي تُحاك منذ أشهر لتهميش التربية الإسلامية، وتزهيد ملايين الطلبة فيها، أصبحت معروفة عند الخاص والعام، وآخرُ حلقاتها تقديم وزيرة التربية بن غبريط رمعون مخططين للحكومة تحت عنوان “إصلاح البكالوريا”، تقترح فيهما استبعاد التربية الإسلامية والتاريخ والعربية والأمازيغية من امتحانات البكالوريا للشُّعب العلمية تدريجياً بين أعوام 2018 و2021، وحينما تتحرّك منظماتٌ وجمعيات وأحزاب ووسائل إعلام ومواطنون بسطاء ضد هذه “الاقتراحات” الخطيرة الرامية إلى ضرب مقوّمات الهوية الجزائرية في الصميم، تحت غطاء “الإصلاح” المزعوم، تثور ثائرة العلمانيين فيسارعون إلى اتهامهم بالتخلف والبعثية والإرهاب والتكالب على الوزيرة، ولسان حالهم يردِّد “ما دخل التربية الإسلامية في بكالوريا العلميين؟!”.

نحن لا نقول إن التربية الإسلامية أكثر أهمِّية من الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم، ولا نطالب برفع معاملها إلى 6 أو 7؛ فتطوير تدريس المواد العلمية ضروريٌ جدا لنهضة البلاد العلمية والتكنولوجية في وقتٍ تعاني فيه تخلفا مزمناً، وتأخُّراً واضحاً عن ركب التقدّم، ولكننا فقط نطالب بالإبقاء على هذه المادة وغيرها من مواد الهوية إجباريةً لجميع الطلبة المقبلين على البكالوريا، حتى العلميين منهم، حتى لا تنشأ أجيالٌ تجهل أبسط قواعد دينها، فتكون مستقبلاً فريسة لـ”داعش” وأخواتِها، تغرّر بها كما تشاء، وتجنّدها لتصنِّع لها أسلحةً كيمائية بدائية ومفخّخاتٍ وغيرَها، وقد كان بالإمكان تفادي ذلك بتحصينها من خلال تعليمها إسلامنا الصحيح، القائم على الوسطية والاعتدال والتسامح والرحمة…

من غير المعقول أن يدعو الصهاينة إلى تعزيز تدريس دينهم المزوّر، وتاريخهم المزيّف في فلسطين، ويُحيوا لغتَهم التي كانت ميّتة في مرحلةٍ من مراحل تاريخها، ويطوّروها ويدرّسوا بها حتى في جامعاتهم، في حين يكيد بعضُنا لديننا الصحيح، ولغتِنا الثريّة، وتاريخِنا المجيد، ويسعى إلى تهميشها في التعليم بأيِّ وسيلة، تحت غطاء “الإصلاح” المزعوم!
المصدر – جريدة الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى